مشروع ليلى .vs مشروع العائلة
فاضت صفحتي الخاصة على فايسبوك منذ يومين بنور عائلتي المقدّس بعد تضامني مع فرقة مشروع ليلى الموسيقية. شتائم لمشروع ليلى "وكل مين بيشدّ ع مشدّن" وتهديد ووعيد وبصقات تُركت على منشوراتي، تماماً كما دعاهم ودعاهنّ المسيح.
غالبية المُعلّقين من أقربائي كانوا من الذكور الذين لم يستوعبوا أنّني، كشابة وكإمرأة، لديّ رأي مختلف عنهم. فكتب لي أحدهم في تعليق: "نحن ضدّ هالجماعة...".
من "نحن"؟ وكأن رابطة القرابة تخوّله، كونه الذكر، أن يقرّر عنّي وأنا أتبعه. هو يقول وأنا أنفّذ. والويل إذا نفذ صبره، هذا ما فهمته من الثلاث نقاط التي أنهى تعليقه بها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنظّم فيها حملات واسعة من قبل متديّنين متطرّفين ضد أشخاص ويُحقّق معهم بتهمة " تحقير الشعائر الدينية"، ويبدو أنّه أصبح هناك جهازٌ أمنيٌ وقاضية مدنية مُختصّان بذلك.
وكما جرت العادة في لبنان وعبر الشراكة السياسية-الدينية المعمول بها ضدّ أي شخص يقول رأياً مخالفاً، استُدعي أعضاء فرقة مشروع ليلى إلى التحقيق الأربعاء بجرم "تحقير الشعائر الدينية" من قبل مكتب "أمن الدولة" المثير للجدل، بعد دعوى قضائية قدّمها أحد الأفراد ضدّهم، بدلاً من أن تتمّ محاسبة مُلفّقي التهم والمُحرّضين على العنف والقتل.
وللمفارقة، أخلت القاضية غادة عون سبيل أعضاء الفرقة التي جالت العالم وقابلتها أهمّ الوسائل الإعلامية الأوروبية والأميركية والتي تلاحقها السلطات اللبنانية بقوانين بالية وفضفاضة، على أن يلتقوا راعي أبرشية جبيل للموارنة الذي كان دعا لجنة مهرجانات بيبلوس الدولية إلى إلغاء الحفلة لأسباب دينية!
الجهاز الأمني والقاضية نفساهما كانا حققا مع مواطنين اثنين قبل عام بسبب "نكتة" كتبها أحدهما على فايسبوك طالت أحد الرموز الدينية المسيحية.
وكما تمّ إجبار "المتهم الرئيسي" صاحب المنشور وقتها بإزالته وبإغلاق صفحته على فايسبوك لمدّة 30 يوماً، أزالت فرقة مشروع ليلى صباح الخميس الأغنيتين اللتين أشعلتا الجدل عن قناتها الخاصة على يوتيوب رغم أنّهما كانتا قد نشرتا في العام 2015 وحازتا على ملايين المشاهدات. وأغلق المغني الرئيسي في الفرقة حامد سنو صفحته الشخصية على فايسبوك.
قد تكون الهستيريا المنفلتة في البلاد والتهديدات والترهيب أرعبت أعضاء الفرقة ولديهم كلّ الحق في ذلك.
الكره والحقد والتحريض والعنف الذي نشهده مؤخراً والذي يستهدف المجموعات المُستضعفة اجتماعياً وقانونياً، مخيف.
لكن، وبالرغم من رجوع البعض الى العصور الظلامية في طريقة هجومهم على مشروع ليلى والتحريض على أعضائها وجمهورها، كما قال حامد سنّو في أغنية "دجن" التي فُرض حذفها، "بيني وبين فرحي حيط بسمك قزازة الكاس، برلين ما صمدت، ناولني وهبّط"، سيسقط جدار المنع والترهيب في النهاية تماماً كما سقط جدار برلين.