كفى تقدّم بدائل لـ"نظام الكفالة" الخاص بعاملات المنازل المهاجرات في لبنان
إصلاح "نظام الكفالة" الخاص بعاملات المنازل المهاجرات: نحو نظام بديل في لبنان، ورقة عمل أطلقتها منظمة "كفى عنف واستغلال" (كفى) يوم 24 شباط 2012 في حلقة نقاش في قصر الأونيسكو، حضرها معالي وزير العمل السابق الدكتور شربل نحاس وناشطين/ات ومسؤولين/ات من جاليات أجنبية عدّة، وعدد من الصحافيين/ات والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية. تأتي هذه الورقة لتقدّم عبرها منظمة "كفى" مجموعة من البدائل المحتملة ل"نظام الكفالة" الخاص بعاملات المنازل في لبنان، وهو نظام يتألّف من مجموعة ممارسات عرفية ونظم إدارية عدّة تربط إجازة إقامة العاملة وعملها بكفيل واحد. إن هذا النظام يجعل أكثر من مئتي ألف عاملة مقيمة في لبنان عرضة للاستغلال والاتجار بالبشر، كما ويعرّضهنّ لاستلاب أبسط حقوقهنّ من خلال ترسيخه لعلاقة "الخادم والمخدوم" وتعزيزه للاختلال القائم في توازن القوى بين طرفي هذه العلاقة.
عرضت المحامية والباحثة كاثلين هاميل مضامين الدراسة التي خلصت إلى نتائج عدة، وأهمها أنّ "نظام الكفالة" يعزز علاقة التبعية بين صاحب العمل والعاملة؛ ولا يؤمّن المرونة اللازمة لانتقال العاملة إلى عمل آخر؛ وينتقص من حقها في التمتع في حرية التنقل، وكذلك حقها في الحماية القانونية والحصول على تعويضات. وأشارت هاميل إلى أنه تمت المقارنة بين النهج والإجراءات المتبعة في كل من المملكة المتحدة، هونغ كونغ والبحرين، لاستخلاص أفضل الممارسات على مستوى تنظيم عمل عاملات المنازل المهاجرات وإقامتهنّ؛ ومحاولة الاستفادة من تجارب هذه البلدان وتطبيق ما يمكن تطبيقه في السياق اللبناني.
وبناء على نتائج تحليل معطيات الواقع اللبناني من جهة، والمقارنة بين الإجراءات المتبعة من قبل الحكومات الثلاث من جهة ثانية، ختمت هاميل باقتراح عدد من التوصيات التي يمكن السلطات اللبنانية المعنية البناء عليها للانطلاق بعملية تغيير "نظام الكفالة". ومن أهمّ هذه التوصيات: زيادة المرونة في انتقال عاملات المنازل المهاجرات إلى عمل آخر؛ فصل العلاقة بين صاحب العمل/ العاملة؛ تحسين آلية الاستقدام والتشدد في تنظيم المكاتب؛ تخفيض عدد المهاجرين/ات غير القانونيين/ات والحد من هشاشة وضعهم؛ ضمان الحماية الاجتماعية والتعويضات القانونية؛ إنشاء هيئة تنسيق وطنية وبناء وتطوير قدرات المؤسسة الوطنية للاستخدام.
وفي تعليقه على توصيات ورقة العمل، شدّد الأستاذ أديب أبو حبيب، رئيس اتحاد نقابات الطباعة والإعلام و رئيس المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين، على ضرورة رفض مبدأ الكفيل وإعادة الاعتبار للقوانين، من خلال ضم فئة العمال الزراعيين وعاملات المنازل لقانون العمل. وأضاف أنه لا بد من إعادة الاعتبار للمؤسسة الوطنية للاستخدام، التي هي موكلة بالقانون، وبشكل منفرد، تنظيم هذا القطاع، في إشارة إلى عدم قانونية المكاتب الخاصة التي تمارس عملها بفعل التفافها على القانون عبر اعتمادها كلمة "الاستقدام" بدل الاستخدام". وتطرّق أبو حبيب إلى الحركة النقابية اللبنانية متهماً إياهها بالتعاطي بشكل غير جدي مع هذه الفئة من العمال، مشدّداً على ضرورة قوننة حقوق العاملات في المنازل بما فيها حقهنّ بالسكن خارج المنزل. كما أسف أبو حبيب لعدم تصديق لبنان على اتفاقية منظمة العمل الدولية المتعلقة بالعمل المنزلي لغاية الآن، موصياً بإعادة النظر بقانون العمل اللبناني لكي يصبح منسجماً مع الاتفاقيات الدولية.
ومن ثم عرض وزير العمل السابق د. شربل نحاس للخطّة التي كان قد بدأ العمل عليها، معرباً عن أسفه لعدم تمكّنه من إصدار عقد عمل جديد لعاملات المنازل بسبب ضيق الوقت ما بين تقديم استقالته وقبولها. وأعلن نحاس أنه تم توقيع مذكرة تفاهم مع الفيليبين وقد تم وضع بروتوكول تطبيقي لهذه المذكرة يحتاج إلى موافقة الحكومة في البلدبن عليه، مشدّداً على ضرورة الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل توقيعه "حرفياً". ويتضمن البروتوكول إصدار عقد عمل موحد، دفع الأجور في حسابات مصرفية قابلة للتدقيق ومرفوعة عنها السرية، توقيع عقد العمل في وزارة العمل بوجود مترجم، وتحديد الإجازة الأسبوعية ل 24 ساعة متواصلة. كما لفت نحاس إلى أنه تم إرسال إلى مجلس الوزراء مجموعة من التعديلات على قانون العمل لجهة شموله جميع العمّال وإلغاء استثناء العاملات المنازل والعمال الزراعيين منه، آملاً أن يتم الضغط من أجل إقرره وتطبيقه وداعياً في الوقت عينه إلى الكف عن استخدام تعابير تتضمن مفاهيم خاطئة، مثل كلمة الكفيل، وعدم الاستسلام للأعراف السائدة.
تأتي هذه الندوة وورقة العمل ضمن مشروع "لا لاستغلال العاملات المنزليات المهاجرات" المدعوم من قبل السفارة النروجية في لبنان