العنف على النساء يتضاعف والدولة في سبات عميق: تقرير كفى لشهر أيار
"أنا خايفة. خايفة إبقى بلا ولادي، خايفة صير بالشارع. ما بقى قادرة عيش بهالكابوس".
هذه حالة النساء اللواتي يتواصلن مع مركز الدعم في كفى.
938 هو عدد الاتصالات التي تلقّتها كفى خلال شهر أيار وهو تقريباً ضعف العدد الذي تلقته خلال نيسان وضعفا عدد شهر آذار.
تقسّمت هذه الاتصالات بين متابعات مع نساء كن يأتين الى مركز الدعم وأخريات جديدات تواصلن مع كفى للمرة الأولى بعد تعرّضهن لعنف مباشر، وإخبارات من جيران ومن العائلة (أب، أخت) عن وقوع عنف واستفسارات وطلب مأوى للجوء إليه.
العدد في ازدياد من شهر الى آخر، وهو يبقى أقلّ من حجم العنف الفعلي الذي تعاني منه النساء، إذ أن كثيرات ما زلن غير قادرات على التواصل أو الإبلاغ. حجم العنف المستتر يبدو أنه مُخيف.
الزوج: المعنّف الأول
الثابت بين الأشهر الثلاثة الماضية هو هوية المعتدي ونوع العنف.
فالزوج هو المعنّف الأساسي، وأشكال العنف الممارس على النساء متعدّدة ومتداخلة، أهمّها النفسي واللفظي والجسدي.
محاولات خنف وضرب بالكرسي، تهديد بالضرب، تهديد برمي السيّدة في الشارع، تهديد بالحرمان من الأولاد، حجز حرية، تحقير، إهانات، المنع من التواصل مع العالم الخارجي: هذه عيّنة عمّا تتعرّض له النساء. كل هذا يحصل أمام الأطفال، الذين إن لم يتلقّوا الضرب هم أيضاً، يكونوا شاهدين على العنف الذي تتلقّاه أمهّاتهم أمام أعينهم.
الخوف والإختناق هما ما يدفعان بالسيّدات الى طلب المساعدة.
152 سيّدة اتصلن للمرة الأولى بعدما كان العدد في الشهر الماضي 105.
كما أن نساء كنّ يقصدن مركز الدعم في السابق ووصلن الى تسوية مع أزواجهنّ واستقرار في العلاقة، عاودن الإتصال مجدّداً مع عودة العنف على حياتهنّ.
تجدر الإشارة، الى أنه وبعد أن كان قد تراجع عدد السوريات المتصلات بمركز الدعم في كفى في الشهرين الأخيرين، وذلك يعود بشكل أساسي الى حالة الخوف والوحدة والعزلة التي تعيشها النساء داخل المخيمات، شهد هذا الشهر زيادة في عدد المتصلات. ممكن ربط هذه الزيادة بجلسات الدعم الاجتماعي التي تنظّمها كفى منذ بداية الحجر عبر الواتساب مع سيّدات سوريات من 65 مخيماً في البقاع الشمالي، ومن المتابعة مع قوى الأمن الداخلي والنيابات العامة المختصّة بمتابعة شكاوى العنف الأسري بما يتعلّق بالشكاوى المقدّمة من نساء سوريات وبعدم اتّخاذ إجراءات تتعلّق بكسر الإقامة.
وقد حصلت سيّدة سورية هذا الشهر على قرار حماية بعد أن اتصلت بمركز كفى في البقاع وأخبرت عن تعرّضها لعنف جسدي من قبل زوجها. "أنا عانيت من التهجير ومن اللجوء والفقر، بس أصعب شي بالنسبة إلي كان أنو حدا قريب منّي هيك يكون عم يقسى عليي ويظلمني ويغدرني بهالطريقة".
ما زالت كفى ترافق السيدات وتقدم لهن الخدمات الإجتماعية التي من شأنها مساعدتهن على وضع حدّ للعنف الممارس عليهنّ، والخدمات القانونية التي تتضمّن الاستشارات القانونية والتدخل المباشر في حال التعرّض الآني للعنف وتقديم طلبات حماية وشكاوى جزائية.
الدولة النائمة
ليس مضموناً أن يكون لفكّ الحجر تدريجيا تأثير إيجابي على حجم العنف الأسري الممارس على النساء. إذ أن الوضع الاقتصادي الكارثي وخسارة الكثيرين لأشغالهم ومصادر رزقهم في ظلّ ارتفاع الأسعار وسوء الإدارة السياسية للأزمة، كلّها عوامل ممكن أن تساهم في زيادة نسبة العنف وخاصة على الفئات الأكثر هشاشة.
لذلك استمرار غياب الدولة عن تقديم الخدمات للنساء ضحايا العنف وعن التدخل المباشر سيُضاعف المشكلة. وزارة الشؤون الاجتماعية تتدخّل بشكل محدود من خلال بعض الجمعيات في الوقت الذي يُفترض بها أن تقدّم الخدمة بشكل مباشر. نذكر بأن الوزارة كانت قد عيّنت خبيراً لإجراء دراسة كخطوة أولى لإنشاء "صندوق دعم الضحايا" المنصوص عليه في القانون 293 الخاص بالعنف الأسري. أين أصبحت هذه الدراسة وهذا الصندوق؟ في حال توقّفت الجمعيات عن تقديم الخدمات، التي هي من واجبات الدولة أصلاً، ماذا سيكون مصير النساء في وضع ينتشر فيه العنف بشكل مُقلق؟
من واجب المشرعين ومؤسسات الدولة تأمين الحماية للنساء، وعلى الدولة رصد ميزانيات لتأمين الخدمات للنساء ضحايا العنف بأسرع وقت لأن الحاجة أصبحت ملحّة. على الدولة أيضاً تطبيق القانون 293 الذي ينص على إنشاء صندوق دعم الضحايا، وعلى النواب إقرار التعديلات المقدمة على قانون العنف الأسري، وتحديداً المادة المتعلقة بشمل الأطفال بقرار الحماية بغض النظر عن سنّ الحضانة.