إطلاق دليل قانوني حول تحديات تطبيق القانون 293
مثل اليوم منذ عام، أي في 1 نيسان 2014، وبعد إقرار القانون رقم 293 لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري ونشره في الجريدة الرسمية، انكبّت منظمة "كفى عنف واستغلال" في عمليّة مواكبة لتطبيقه، سواء أمام النيابات العامة أو قضاة الأمور المستعجلة. خلال هذه المتابعة، لاحظت "كفى" تصدّي القضاة لمجموعة من التحديّات الناتجة عن طريقة صياغة القانون رقم 293 والتعديلات التي أدخلها المجلس النيابي على نصّه الأساسي، بحيث نتج عن هذه الصياغة ثغرات كثيرة تسمح بتعدّد أوجه التفسير. بالطبع، ثمّة ثغرات لا يمكن تخطّيها إلا بتعديل النص القانوني. لكن هناك ثغرات أخرى استطاع بعض القضاة تخطّيها من خلال الاجتهاد، غير أن التفاوت الحاصل في قراءة القانون وتفسيره بين القضاة انعكس على مضمون قرارات الحماية لصالح النساء ضحايا العنف الأسري، وإجراءات تنفيذها، كما على إشارات النيابات العامة المختلفة. ولمّا كان الإرباك في تطبيق القانون قد طال المحاميات/ين اللواتي/الذين في الكثير من الأحيان اصطدموا/ن بالتحدّيات نفسها التي يواجهها القضاة عند تنفيذ قرارات الحماية، لذلك، كان لا بدّ من طرح العديد من التساؤلات وفتح النقاش مع القضاة المعنيات/ين حول قراءتهن/م وتجربتهن/م في تفسير القانون رقم 293 وتطبيقه بهدف تقريب وجهات النظر المختلفة.
من خلال الدليل الذي تمّ إطلاقه بعنوان "تحدّيات تطبيق القانون رقم 293"، في إطار مشروع يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكّان، أرادت منظمة "كفى" أن تضع بين أيدي القانونيات/ين من محاميات/ين وقضاة، الخلاصات التي تمّ التوصّل إليها نتيجة النقاشات وتبادل الآراء مع غالبية القضاة اللواتي/الذين أصدرن/وا قرارات حماية خلال العام 2014، بهدف توضيح الأسباب الموجبة لهذا القانون والعمل على تفعيل مضمونه وتطبيقه من قبل الجسم القانوني. كما وثّق الدليل قرارات الحماية التي صدرت حتى نهاية العام 2014 باستثناء تلك التي تمّ ردّها، على أمل أن يتمّ تناول كافة القرارات في دراسات تحليلية لاحقة.
الندوة في نقابة المحامين: قضاة ومحاميات/ون يشاركن/ون تجاربهن/م المتعلّقة بتطبيق القانون
لمناسبة مرور عام على إقرار القانون رقم 293، نظّمت "كفى" الندوة بالتعاون مع لجنة الأسرة في نقابة المحامين في بيروت، وبرعاية نقيب المحامين في بيروت الأستاذ جورج جريج، لإطلاق الدليل القانوني الذي تمّ توزيعه على قضاة ومئات المحاميات/ين، ومن بينهم المتدرّجات/ين، كما على الحاضرات/ين من قوى الأمن الداخلي والناشطات/ين من جمعيات المجتمع المدني. خلال الندوة، تمّ البحث في تحدّيات تطبيق القانون مع المشاركات/ين من قضاة ومحاميات/ين، هنّ/هم: قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف، والمحامية العامة الاستئنافية المكلّفة بالنظر في شكاوى العنف الأسري في بيروت القاضية مايا كنعان، ورئيسة لجنة الأسرة في نقابة المحامين في بيروت الأستاذة إقبال دوغان، والمحامية ليلى عواضة من منظمة "كفى". كما شاركت في الندوة ممثّلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان ومسؤولة البرامج في الصندوق، السيّدة أسمى قرداحي، وألقت كلمة عرضت فيها لمسيرة الشراكة مع منظمة "كفى"، ودور الصندوق في دعم الجهود من أجل إقرار القانون، وتفعيل تنفيذه من قبل السلطات والجهات المعنية، وإنتاج المواد الخاصة لنشر المعرفة والتوعية حوله.
افتُتحت الندوة بكلمة راعي الحفل نقيب المحامين في بيروت الأستاذ جورج جريج أضاء فيها على إيجابيات القانون رقم 293 والمفاهيم الجديدة التي أدخلها، كما أشار إلى البنود التي يجدر تعديلها لتضمن حماية الطفل مع الضحية كونه هو أيضاً ضحية وليس مجرّد شاهد. وأثنى جريج على جهود منظمة "كفى" في مكافحة العنف الأسري ضد النساء، واصفاً إياها "كفاعلة على خطّين: خط الدفاع الأمامي الاستباقي كي لا يقع الشخص فريسة العنف الأسري، وخط الدفاع الخلفي الحاضن للضحية المعنَّفة."
من ثمّ، عرض القاضيان جاد معلوف ومايا كنعان لتجربتيهما في تطبيق القانون 293، كلّ من موقعه/ا:
في البداية، عرضت المحامية العامة الاستئنافية المكلّفة بالنظر في شكاوى العنف الأسري في بيروت، القاضية مايا كنعان، دور النيابة العامة في تطبيق القانون رقم 293 قبل صدور قرار الحماية، وبعد صدوره. وتطرّقت إلى نقاط مهمّة عديدة، منها الدور التكاملي بين المحامي العام الأسري وقاضي الأمور المستعجلة، وأهميّة احترام حريّة الضحية في اختيار المرجع المختصّ لطلب الحماية أمامه. كما أعطت كنعان أمثلةً عن تدابير اتُّخذت من قبل النيابة العامة في بيروت لحماية ضحايا العنف الأسري، ملقيةً الضوء أيضاً على التحديات المطروحة بمعرض تطبيق القانون رقم 293 وما ينطوي عليه من ثغرات.
أمّا قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف، فقدّم لمحةً سريعة عن تجربة قضاة الأمور المستعجلة في ملفّات تناولت قضايا عنف أسري خلال السنة التي تلت صدور القانون رقم 293، ولكيفيّة مقاربة هذه الملّفات من الناحيتين القانونية والاجتماعية. كما أثار الإشكاليّات التي يطرحها تطبيق القانون، لا سيّما لجهة تفسير العنف، ووضع الأولاد، والتحقيقات الواجب القيام بها، ووسائل الإثبات المقبولة في ضوء متطلّبات المحاكمة العادلة، وكيفيّة تطبيق القرارات الصادرة بفاعليّة. إلى ذلك، تناول معلوف مسألة الصلاحيّات الإضافية التي تخوّل قاضي الأمور المستعجلة اتّخاذ تدابير حمائيّة أو احتياطيّة غير منصوص عليها صراحةً في القانون.
خلال الندوة، كان لرئيسة لجنة الأسرة في نقابة المحامين في بيروت الأستاذة إقبال دوغان مداخلة عرضت فيها لمسيرة قانون حماية النساء من العنف الأسري منذ صياغته، مروراً بتعديله في مجلسَي الوزراء والنواب، وصولاً لإقراره العام الفائت. ولفتت إلى "أننا لن ننسى في هذا السياق الهجمة الشرسة التي قيدت ضد مشروع القانون آنذاك من المنظمات الدينية والإسلامية بشكل خاص، والنسائية منها"، معربةً عن استغرابها من "أن تقف امرأة ضد مصالحها في الحماية ومصالح الأجيال الصاعدة من النساء". وشدّدت دوغان على ضرورة استمرار العمل من أجل تنفيذ القانون ومراقبة هذا التنفيذ، ودراسة الاجتهادات التي أصدرتها المحاكم المختصّة، كما العمل على تعديل بعض المواد في القانون، خاصّة ما أُحيل منها إلى قوانين الأحوال الشخصية الدينية، كاشتراط حماية الأطفال بسنّ الحضانة.
وشرحت المحامية ليلى عواضة من منظمة "كفى" الأهداف الأساسية من الدليل القانوني حول "تحدّيات تطبيق القانون رقم 293" وأهمّ ما ورد فيه من خلاصات وتحدّيات، وتمّ عرض نسخة مصغّرة من فيلم "بالقانون" المقتبس من قصص حقيقية لنساء تعرّضن للعنف الأسري ولجأن إلى القانون 293.