رلى يعقوب: حتى لا يبقى موتها لغزاً
عقدت منظّمة "كفى عنف واستغلال" في 31 كانون الثاني 2014 مؤتمراً صحافياً أعلنت فيه عن الخطوات المقبلة التي تصبّ في دعم ملفّ رلى يعقوب القضائي وصولاً إلى الكشف عن الحقيقة الكاملة حتّى لا يبقى موتها لغزاً لا يُحلّ.
وقد حضر المؤتمر والدة رلى وأقرباؤها ولجنة من تسع محاميات ومحاميين تشكّلت لتقديم الدعم المعنوي والقانوني لعائلة رلى ووكيلها القانوني الأستاذ ريمون يعقوب.
مديرة منظمة "كفى" زويا روحانا افتتحت المؤتمر بكلمة أعلنت فيها عن التزام "كفى" ومجموعة المحامين/ات "ببذل كلّ ما في وسعنا كي لا يُقفل الملفّ على ما خلُص إليه القرار الظنّي بالاستناد إلى إجراءات طبية "لم تكن على المستوى العلمي المُرتجى"، وبسبب إهمال إجراءات أخرى كان يجب أن تُتّخذ في حينه". كما حمّلت روحانا قضاء الأحداث "مسؤولية ما حدث من إهمال لبنات رلى بعد المأساة التي شهدن عليها" متسائلةً عن سبب عدم تحرّكه بعد لحماية الفتيات.
أمّا وكيل رلى يعقوب القانوني المحامي ريمون يعقوب، فأعلن أنّه تقدّم بطلب الاستئناف أمام الهيئة الاتّهاميّة صباح اليوم 31 كانون الثاني 2014، وشرح أبرز النقاط التي أُثيرت فيه:
أوّلاً، إغفال القرار الظنّي لشهود مُستمع إليهم خلال التحقيق الأولي وهم كانوا قد أبلغوا أنّ ابنتَي رلى أخبرتا في الدقائق الأولى التي تلت الجريمة أنّ "البابا ضرب الماما بالعصا"؛
ثانياً، إنّ والدة رلى كانت قد طلبت تشريح جثّة ابنتها كملةً منذ البداية، وكرّرت طلبها في جلسة التحقيق الاستنطاقي، لكن وللأسف لم تقم النيابة العامة باتّخاذ قرار التشريح، ولم يقم حضرة قاضي التحقيق بتعيين اللّجان الطبية إلا بعد 80 يوماً من تاريخ وضع الملفّ بين يديه؛
ثالثاً، إنّ القرار الظنّي استند إلى التقرير الطبي الخامس الذي هو أيضاً لم يحدّد سبب الوفاة المباشر، لكن القرار الظنّي جاء فيه أنّ السبب المباشر هو نزيف مرضي وخلقي، الأمر الذي يتعارض أيضاً مع تقريَري لجنتَي التحقيقات المهنيّة في نقابتَي أطبّاء لبنان في بيروت، وفي طرابلس.
في ختام المؤتمر، وجّهت والدة رلى يعقوب نداءً إلى القضاء بتحقيق العدالة لابنتها، داعيةً جميع رافضي/ات الظلم إلى الانضمام إلى اعتصام في حلبا يوم الأحد، تجدن/ون أدناه تفاصيله كما جاء في نصّ الدعوة المرسلة من قبل عائلة رلى يعقوب:
"أبناء حلبا يدعونكم/ن للمشاركة في الإعتصام السلمي المقرر في حلبا يوم بعد غد الأحد الواقع في 2 شباط 2014 في ساحة البلدية عند الساعة الحادية عشرة صباحاً تضامناً مع قضية الضحية أم البنات رولا يعقوب، لإحقاق الحق والإنصاف والعدل وكشف لغز وفاتها، ومطالبين الهيئة الإتهامية بقبول طلب الإستئناف والتوسع في التحقيقات. نرجو من الجميع المشاركة في هذا التحرّك."
كلمة مديرة "كفى" كاملةً:
في مسار قضية رلى يعقوب اختصار لمختلف أشكال العنف والقهر ضد النساء، المتأصل في مجتمعنا الذكوري، والذي رفعت "كفى" شعار مكافحته منذ نشأتها. فلم ينفع صمت رلى عن العنف الذي تعرضت له قبل مقتلها، وهو صمت تتشارك به آلاف السيدات، في حماية أسرتها من التفكك كما اعتقدت، وذلك لغياب الآليات المناسبة للحماية، ولم ينفع صراخ رلى قبل لحظات من وفاتها في فك الطوق عما يسمّى "حرمة المنزل"، رغم محاولة أحدهم التدخل لخرق هذا الطوق، وذلك بسبب غياب الآليات المناسبة للتدخل، ولم تنفع مناداة أهلها وأقاربها المطالبة باتخاذ الإجراءات القضائية المناسبة وفي الوقت المناسب، لتبيان الأسباب الحقيقية لوفاتها وتطبيق العدالة على هذا الأساس، فكان أن ساد نظام المجتمع الذكوري وسادت عدالته التي لطالما أبقت مآسي النساء، لا بل حوادث قتل بعضهنّ، خارج إطار سيادتها.
لقد أصبحت قضية رلى قضيتنا جميعاً، قضية نرى فيها تحدياً للنضال الذي خضناه من أجل مكافحة العنف ضد المرأة وإخراجه من الحيّز الخاص إلى الحيّز العام ليصبح تحت طائلة القانون. لذلك، نحن سنبذل كل ما في وسعنا كي لا يقفل ملف رلى على ما خَلُص إليه القرار الظني بالاستناد إلى إجراءات طبية ناقصة "لم تكن على المستوى العلمي المرتجى" كما وصفت لجنة نقابة أطباء الشمال، وبسبب إهمال إجراءات أخرى كان يجب اتّخاذها في حينه، وبسبب عدم الأخذ بشهادات لها تأثيرها على مجريات الملف القضائي.
ونحن نحمّل قضاء الأحداث مسؤولية ما حدث من إهمال لبنات رلى بعد المأساة التي شهدن عليها. لقد كان يفترض توفير الحماية لهؤلاء البنات وعدم إبقائهن برعاية أهل المتهم، معرّضات للضغوط النفسية والمعنوية لمصلحة المتهم، إذ كان يتوجب عرضهن على أخصائيين نفسيين لمتابعتهن وإبعادهنّ عن من هو متّهم بقتل أمّهن والإعتداء عليهن بالضرب. فقانون حماية الأحداث المعروف بقانون 422 موجود لحماية الأطفال من أي اساءة معاملة ويسمح للقاضي بالتدخل لمجرد العلم بوجود طفل يتعرض للعنف. فلماذا لم يتم اتخاذ أي إجراء على هذا الصعيد؟
من أجل كل ذلك، نحن نجتمع اليوم لنعلن أننا سنستمر في تقديم ما في وسعنا من دعم لعائلة رلى ووكيلها القانوني الأستاذ ريمون يعقوب، الذي لم يوفّر جهداً قانونياً سعياً وراء كشف السبب الحقيقي لمقتل رلى.
لقد أبدى عدد من المحاميات والمحامين الناشطات\ين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة كل الاستعداد للتعاون القانوني في هذا الملف، وتشكلت لجنة دعم مساندة ومتابعة للملف من الأساتذة: إقبال دوغان، ماري روز زلزل، غادة ابراهيم، ليلى عواضة، مصطفى عكاري، فاطمة الحاج، ليديا فرح، عامر بدرالدين، ربيع الأمين، ونتقدّم منهم بالتحية والاحترام.
وأخيراً، نتوجّه إلى الهيئة الإتّهامية في الشمال طالبين منها أن تكون على قدر الثقة التي نضعها فيها وأن تحمل مسؤولية قضية رلى على عاتقها عن طريق وضع يدها على الملف والتوسع بالتحقيق وإعادة تصويب القرار الصادر عن قاضي التحقيق، وذلك صوناً للعدالة التي لا زلنا نأمل في إحقاقها.