عن العمل الإجتماعي والنسوية
أحب أن أقدّم نفسي على أنني اختصاصية اجتماعية نسوية. أرى أن الصفتين أساسيتين للتعبير عنّي وعن العمل الذي أقوم به وأمضي وقتي في نقاشات طويلة دفاعاً عن القضيتين وارتباطهما بالمناصرة. أجل، العمل الاجتماعي هو قضية بالنسبة لي.
وفي كل مرّة أتحدّث عن أي من الأمرين، أتحدث بشغفٍ وانفعالٍ كبيرين. وكثيرة هي المرَات التي قاطعني فيها رجل ما، ليخبرني بأنه لا يجب أن أنفعل عندما أتحدث، وبأنني كإخصاصية اجتماعيّة لا يجب أن أتحيّز لفئة ما، ويجب أن أكون منفتحة للعمل مع مختلف الفئات.
هناك دائماً رجل ما، إما يُحاول إسكاتنا أو يحاول أن يرسم لنا الخطوط المسموح لنا الحديث ضمنها، أو أن يُرشدنا على نبرة الصوت المناسبة عند الكلام. وهو غالباً ما يكون غير سامع بالعمل الاجتماعي من قبل، لكنه بالرغم من ذلك، يرى نفسه مؤهلا لإبداء رأيه في أمور لا يمتلك أدنى فكرة عنها.
لكن بعيدًا عن بعض الرجال المتطفلين والمقاطعين لأحاديثنا، مهنتي هذه عزيزة جداً على قلبي. منذ بداية تخصصي وجدّت العمل الإجتماعي والنسوية متداخلين بشكل كبير. هنا لا أقصد مجرّد المقاربة النسوية للعمل مع الأفراد. فإذا كانت النسوية في صُلبها قائمة على مقاومة العنف التاريخي والممنهج ضد النساء، وإذا كان العمل الاجتماعي نابعًا من مبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وهدفه الأساسي هو تمكين الأفراد، فبالتالي الموضوعان مكمّلان لبعضهما بعضا. لذلك لا يسعني إلا أن أشعر بشيء من الخيبة عندما أرى إختصاصية إجتماعية تعمل مع النساء دون أن يكون لديها موقف نسوي واضح.
كما أنني لا أرى أن النسوية تقف عند عبارة "أنا أدعم النساء في خياراتهن"، بل تتعدى القول لتحارب فعلاً العنف المتجذّر عبر السعي الى تعديل القوانين والسياسات، لا أرى كذلك بأن العمل الاجتماعي يقف عند العمل مع الأفراد، بل أراه يتعداه أيضاً الى المناصرة وتغيير السياسات.
لست أدري من أين أتتنا نحن الاختصاصين/ات هذه الفكرة؛ بأنه يتوجب علينا أن نكون معتدلين في مواقفنا. عملنا يعتمد حقوق الإنسان كبوصلة له، وبالتالي لا اعتدال ولا مساومة في حقوق الإنسان، وليس هناك من مواقف ضبابية عندما تُنتهك هذه الحقوق.
ليما غبوي هي من الإختصاصيات الإجتماعيات اللواتي يُجدن أخذ المواقف الحاسمة ومناصرة النساء. وهي أحدثت تغييرا كبيراً في ليبيريا خلال الحرب الأهلية عندما قامت بقيادة مجموعات من النساء ودفعتهن لأخذ دور كان أساسيًا جدًا في إنهاء الحرب وإحلال السلام. غالبًا ما يتم تجاهل خلفية ليما في العمل الاجتماعي ويتم تقديمها على أنها ناشطة نسوية حائزة على جائزة نوبل للسلام. هي بالنسبة لي قدوة في العمل الاجتماعي والمناصرة وأخذ المواقف الحاسمة، ولم تكن لتنجز ما حقّقته لو اعتمدت المواقف الخجولة وقُصر النّظر في ممارستها للمهنة.
إختصاصيات مثل ليما لا يجب أن يكنّ استثناء. لذا، أُستفز من خطاب الاختصاصين/ات البارد والمحايد، لا أعتقد بأننا نملك خيارًا، لابد أن يكون خطابنا أكثر نسويةً وأكثر حزمًا وأكثر صخبًا.