قصة جويس "لن أنسى أبداً أن أحدهم سرق أموال تعبي!"

قصة جويس "لن أنسى أبداً أن أحدهم سرق أموال تعبي!"

 النشأة والحاجة إلى الرحيل

ولدت جويس عام ١٩٩٥ ونشات في عائلة فقيرة في غانا. عندما توفّي أخوها تولّت هي رعاية أولاده، إلى جانب اهتمامها بشقيقها الأصغر ووالدتها. ضاق الحال بالعائلة كثيراً خصوصاً مع ازدياد حاجات الأطفال ومع إصرار جويس أن تُدخل أولاد أخيها إلى المدرسة ليتعلّموا. إحدى صديقاتها أخبرتها عن وسيطة عرضت عليها فرصة للعمل كطاهية في أحد المطاعم في لبنان، وافقت جويس فوراً وحزمت أغراضها وأخبرت عائلتها أنها ستعمل لسنتين في مطعم في لبنان ثم تعود إلى غانا وتنشئ عملاً خاصاً بها تعيل من خلاله العائلة والأولاد.

في لبنان…

خداع وعنف وتهديدات بالقتل وصلت جويس إلى لبنان وبدأ مسلسل المفاجآت السيئة. بدايةً، اكتشفت الشابّة أنها لن تعمل في مطبخ مطعم بل في خدمة المنازل. استقبلها أحدهم على المطار وبعدها تقول جويس لم يفسّر أحد لها شيئاً حتى وصلت إلى منزل عائلة مؤلّفة من رجل وامرأة متزوجين و٣ أولاد. "لم يكن لدي فرصة للرفض أو للسؤال عن الوظيفة الأصلية التي جئت من أجلها، فبدأت أعمل بتنظيف منزل العائلة". ظروف المبيت لم تكن مريحة، عمل كثير من دون راحة. "طلب منّي صاحب البيت أن أمارس الجنس معه مرّة لكني رفضت، وبعد الرفض لم يدفع لي راتبي، وفي كلّ مرّة كنت أرفض فيها طلبه كان يهددني بالقتل" تروي جويس وتتابع "وضعت هاتفي مرةً بين ثديي وسجّلت كلامه وتهديده لي بالقتل في حال رفضت ممارسة الجنس معه". ازداد الوضع سوءاً يوماً بعد يوم وكانت جويس تعمل من دون أن تحصل على أي أموال في المقابل ولم تستطع أن ترسل شيئاً لعائلتها "وهذا كان كابوساً بالنسبة لي، كنت أبكي طوال الليل وأفكّر بالأولاد وكيف ستكون أحوالهم من دون تأمين أي مال لإعالتهم وأنا التي وعدتهم بذلك قبل أن أغادرهم".

في "كفى"

"الله وضع كفى في طريقي، وصلتُ إلى هنا منذ فترة منهارة تماماً ومكتئبة وكنت أبكي طوال اليوم ولا أستطيع النوم، إذ كنت أفكّر دائماً بما سيحلّ بأولاد أخي". المتابعة النفسية والصحّية والقانونية التي قدّمها مركز الإيواء التابع لكفى حسّن حالتها كثيراً. أردتُ تحصيل حقي واسترجاع أموالي فساعدتني "كفى" بتبليغ الشرطة، وخلال التحقيق معي قدّمت ما سجّلته لصاحب المنزل على هاتفي. التسجيل الصوتي كان دليلاً كافياً أجبر صاحب العمل على دفع كامل أجور جويس التي كان حرمها منها. جويس لم ترغب بالادعاء على صاحب العمل بشكوى التحرّش، هي أرادت الحصول على أموالها والعودة إلى بلدها بأسرع وقت ممكن. لكن كارثة اخرى حلّت على جويس، إذ قرر صاحب العمل أن يدفع المبلغ المترتّب على أساس سعر صرف المصارف* . هكذا بدل أن تحصّل جويس مبلغ ٢٤٠٠ دولار حصلت فقط على حوالي ألف دولار. غصبت جويس كثيراً عندما عرفت بالأمر وبكت كثيراً. "هذا المبلغ لن يمكّنني من تأسيس أي عمل في بلدي، وهو لا يكفي حتى لدفع تكاليف دراسة ابن أخي"، تقول. الشابّة التي من المقرر أن تسافر بعد يومين تقول إنه بات لديها الآن فكرة عن كيف يكون العمل في الخارج وتجربتها كانت سيئة جداً في هذا المجال. تقول جويس بحزم "أنا قوية ويجب أن أعود إلى بلدي وأبدأ معركة اخرى هناك للبحث عن عمل وإعالة العائلة". وفي حال لم تجدي عملاً في غانا هل تعودين مجدداً إلى لبنان؟ سألناها، فصرخت بأعلى صوتها "كلاااا". "أشكر كفى من كل قلبي على المساعدة التي قدّموها لي… لكنّي لن أنسى أبداً أن أحدهم سرق أموال تعبي!" تختم جويس الحديث باكية.

ملاحظة: جويس اسم مستعار

*سعر الصرف الرسمي هو 1500 ل.ل. مقابل الدولار الأمريكي. إنما سعر الصرف المعتمد لدى المصارف هو 3900 ل.ل. مقابل الدولار الأمريكي. في ظل هذه الظروف، إذا كان من المفترض أن تتلقى جويس 100 د.أ. ودفع لها صاحب العمل على أساس سعر صرف المصارف أي قيمة 390,000 بالليرة اللبنانية ومن ثم قامت بتحويل هذا المبلغ إلى الدولار الأمريكي وفق سعر صرف السوق السوداء أي ما يعادل 10,000ل.ل. في ذلك الوقت. عندها كانت جويس ستتلقى 39 د.أ. مقابل ال 390,000 ل.ل.