بيان كفى: حماية القاصرات من التزويج يكون من خلال إقرار سن أدنى للزواج يُفرض على جميع الطوائف

بيان كفى: حماية القاصرات من التزويج يكون من خلال إقرار سن أدنى للزواج يُفرض على جميع الطوائف

طالعتنا الصحف يوم أمس (30 أيلول 2014) بخبر اقتراح قانون يرمي إلى تنظيم زواج القاصرين تقدّم به النائب غسان مخيبر، بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، إلى البرلمان اللبناني للمناقشة والإقرار.
يؤسفنا القول إننا لا نجد في هذا القانون، وبغضّ النظر عن نوايا القائمين عليه، سوى تعدياً وانتهاكاً فاضحاً لحقوق الطفل، ولحقّ الإنسان في تقرير حياته ومصيره، وتكريساً لممارسات عنيفة ومؤذية. فبدل من أن نطالب البرلمان اللبناني بتحديد سنّ أدنى موحّد للزواج يُفرض على جميع الطوائف وفقاً للمعايير الدولية، وهذا أقلّ ما يمكن أن نطالب به، يأتي اقتراح القانون هذا ليعيدنا إلى الوراء باتجاه فرض أنظمة الطوائف في قانون مدني يصدر عن البرلمان اللبناني، ليضفي غطاءً رسمياً مدنياً على تزويج الفتيات بعمر الـ 9 سنوات أو الـ 12 سنة أو...
لقد بلغ استرضاء المحاكم الشرعية والمذهبية والروحية في لبنان حدّاً لا يمكن السكوت عنه بعد اليوم. فمنذ مدّة، ساوم نوّاب المجلس على حماية النساء من العنف الأسري بتشريعهم للاغتصاب الزوجي، وربطهم أوامر الحماية الخاصة بالأطفال بما يتناسب مع قوانين الأحوال الشخصية، مكرّسين السلطة الطائفية في القوانين المدنية، وها هي السلطة ذاتها تحجب الجنسية عن أولاد الأم المتزوّجة من أجنبي وتحرم أجيالاً من التمتّع بأبسط الحقوق المدنية. واليوم، وبعد تكريس الاغتصاب الزوجي باعتباره "حقاً زوجياً"، كما ورد في نصّ قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، يذهب االقائمون على التشريع بعيداً ليمهّدوا لتشريع اغتصاب القاصرات. لكن هذا كلّه لا يهمّ، فالأجدى، بالنسبة إليهم، هو الإبقاء على السلطة الطائفية في لبنان. 
نحن إذ نرفض اقتراح القانون شكلاً ومضموناً لجهة تكريسه للعنف ضد الأطفال في نصوص القوانين المدنية، فإننا نودّ أن نلفت النظر إلى تداعيات هذا القانون، خاصة على الفتيات اللواتي يقعن غالباً ضحايا للتزويج المبكر بما لا يتوافق بالتأكيد مع رغباتهنّ ويعرّض صحتهنّ النفسية والجسدية لأخطار آنية ومستدامة.
من ناحية أخرى، فإنه من غير المقبول أن يكون لأيّ كان، سواء سلطة قانونية، أو شرعية، أو أسرية، بالتقرير أو البتّ في حالات الزواج لأيّ شخص، لا سيّما لمن هم/نّ دون السنّ القانونية. فإنّ مسألة الرضا والقبول المتعلّقة بالزواج هي مسألة أساسية لا يمكن أن يتمّ تجاهلها إذ إن أيّ خروج عن مبدأ الموافقة يحوّل الزواج إلى اغتصاب بشكل لا يحتمل النقاش. وهنا نستغرب كيف يمكن أن لا يكون معلوماً لدى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والنائب مخيبر أنّ الموافقة لا يمكن أن تكون صريحة وحقيقية لمن هم/نّ قاصرين/ات. فهل بتنظيم الزواج المبكر تتمّ حماية القاصرات؟ 
وبناءً عليه، فإننا ندعو الهيئة الوطنية شؤون المرأة والنائب غسان مخيبر إلى سحب هذا الاقتراح لما يتضمّنه من تناقضات مبدئية مع مفهوم الحقوق الإنسانية، ولما سيتأتى عنه من تداعيات ستزيد بالتأكيد من هشاشة وضع الأطفال، وخاصة الفتيات، وإلى العمل على صياغة قانون يحدّد سناً أدنى للزواج وفقاً للمعايير الدولية التي التزم بها لبنان.