Me Too الذاكرة الجماعية مصدر قوّة
مقالات متفرقة، روابط من صفحات، مناشير من الصديقات...
بعصبية اترك فيسبوك.
لا بأس، يمكنني تصفح مواقع اجتماعية أخرى. لكنّ الوسم تصدّر تويتر حول العام:،
# مي توو.
لا بأس، لا بأس. انستغرام موقع صور ولن يكون مسرحاً لهذا الوسم الجديد الغريب.
لكنّه كان...
لم تكن لديّ القدرة أمام معظم تلك المناشير بأن أكمل القراءة، أن أواجه الذاكرة أو أن استحضر الصور القديمة بكل ما شوّهته في داخلي على تعاقب السنين والأحداث. وددتُ أن تبقى تلك القصص مدفونة في جوارير الماضي.
ومثل أي واقع نرفضه قطعاً أولاً ثم ننظر إليه مشمئزّين عبر ثقب صغير في الذاكرة، هكذا كان أسبوعي الأول مع "ثورة" مي توو.
أنظر إلى القصص برعب صامت، انتظر التآلف مع حروفها أولاً فربما أتمكن من قراءتها كاملة، أتركها في منتصف الطريق لأنّه "لا داعي للكز العملاق النائم" ولكن حشّريتي وصوتٌ دفنته على مدى الأعوام السابقة ظلّا يحثّانني على قراءة المزيد.
وكأي عملاق استيقظ بعد سبات عميق استيقظت ذاكرتي أنا؛ تتالت الصور واشتدّ وضوحها بتقدّم اللحظات. مستعجلة توالت على عقلي كأنها ترجوني ألّا اتناسى وألّا ألومها لوجودها.
في الأيام التالية لم يعمل عقلي إلّا على توضيح الصور القديمة وتحديد أدقّ تفاصيلها. وصار ذاك العملاق "يُجبرني" أن أشاهد كل شيء.يجبرني أن أرى أنه لا يمكن لابنة السنوات التسع أن تغري أحداً بمفاتنها لأنها ابنة ٩ سنوات!يلصق في عينيّ صورة ملابسي الواسعة وقبولي العفوي بأن يوصلني زميلي في العمل الذي يكبرني بـ ٣٢ سنة إلى الجامعة. يلكزني بحقد لأرى أن جلوسي في الباص ليس دعوة لذلك العسكري أن يمرّر يده فوق جسمي.
وأنا، ما كان لي إلّا أن اتذكّر وأن أرى بوضوح المبصر بعد عمى، أنني "أنا أيضاً" شربت من تلك الكأس.
أمّا وقد رأيت فكان لا بدّ لي أن أخبر، كأن هذا الوسم صار ميثاقاً "على من تُبصر أن تُبصّر". ولكن كيف! هالتني قدرة النساء على الحفر في الذاكرة واستقدام جثث الماضي، واحترمت كلماتهن في مشاركة قصصهن. ولكن أنا؟ مجرّد الفكرة كانت تشعرني بالعرق البارد. فهذه هي القصص الصامتة التي لا تُروى.
أذكر أني تركت التحديث ٤ أيام، أكتب ثم أمحو ثم أستطرد وأعود وأختصر وأصل إلى زرّ التحديث فيعود ذلك العرق البارد…
"لكلّ مرة حملتِ مسؤولية التحرش وفكّرتِ أنو الحق عليكِ
#MeToo"
أنظر بعينين متّسعتين إلى شاشة الهاتف. أرى تفاعل الأصدقاء، أبكي قليلاً وأضمّ هاتفي كأنه صديق عزيز..
لقد تكلّمت.
يصغر هول الأحداث أمام الذاكرة الجماعية، "مي توو" بَنَت هذه الذاكرة المَحَجّة لكل ضحايا التحرش في بقاع الأرض لنبصر أولاً ونستبصر ثانياً ونبصّر ثالثاً.
"مي توو" دفعتني بحزم لأواجه الذاكرة ونفسي وموروثاتي كلّها في لحظة صدق مع الذات هي أيضاً لحظة حرّية وانعتاق.
أقف مع نفسي بعد عام وقفة المنتصر الحزين لأنه انتصر لنفسه بعد حين.
أقف ولا بدّ من السؤال: متى سينتصر صوت الضحية على صلافة المعتدي؟ متى سيصبح قانون التحرّش موجوداً وفاعلاً يحمي الأضعف في مواجهة قبول اجتماعي لـ "لطشة" او"لمسة بالغلط"؟