ملاحظات حول مشروع القانون المتعلق بالعاملين في الخدمة المنزلية

ملاحظات حول مشروع القانون المتعلق بالعاملين في الخدمة المنزلية

بمناسبة عيد العمّال، تتقدم الجمعيات التالية: منظمة كفى عنف واستغلال، إنسان، PCAAM (اللجنة الرعوية للمهاجرين الأفرو-آسيويين)، منظمة العفو الدولية، نسويّة وحركة مناهضة العنصرية؛ بالتحية إلى جميع العمّال/العاملات المقيمين/ات في لبنان، مخصّصين التفاتتنا في هذا اليوم إلى فئة من هؤلاء، لم ترتق بعد في تصنيفات الحكومة اللبنانية إلى مستوى فئة العمّال.
فبعد مرور أكثر من شهرين على تقديم وزارة العمل اللبنانية ل"مشروع قانون يتعلّق بتنظيم العمل اللائق للعاملين في الخدمة المنزلية"، ومع تقديرنا لكل مبادرة تسعى إلى تحسين ظروف عمل وعيش العاملين/ات في الخدمة المنزلية؛ كان لا بد لنا من الإضاءة على بعض الثغرات والشوائب التي تعتري مشروع القانون المطروح والتي لا بد من معالجتها من منطلق التزامنا بمعايير حقوق الإنسان.

أما الملاحظات فهي التالية: 
• أوّلاً، إن القانون المقترح يُكرّس مرّة جديدة استثناء العاملين/ات في الخدمة المنزلية من الحقوق والميزات التي يكفلها قانون العمل اللبناني والحد الأدنى من المعايير المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، مثل الحد الأدنى للأجور والحدّ الأقصى لساعات العمل، الحق في تأمين صحّي جدّي وشامل، والحق في تشكيل نقابة تمثّل هذه الفئة من العمّال/العاملات وتدافع عن قضاياهم/هنّ. هذا ويرسّخ مشروع القانون نظام الكفالة الذي يجهّز الأرضية لعدد من الانتهاكات لأبسط الحقوق الإنسانية والاعتداءات على الحريات الشخصية؛ 
• ثانياً، إنّ القانون المقترح، وكنتيجة مباشرة لتكريسه الكفالة كالنظام الأوحد الذي يرعى العمالة المنزلية، لم يكفل حقّ تمتّع العامل/ة بالحقوق والحريات الشخصية وعلى رأسها: حرّية التنقّل والخروج من المنزل في أوقات الراحة والعطل، وحرية التواصل وإقامة العلاقات الشخصية والزواج والإنجاب، والحق في حيازة العامل/ة على أوراقه/ها الثبوتية والتقارير الخاصة. فنظام الكفالة المعمول به يؤدّي إلى تفعيل ممارسات تعيق العامل/ة من التمتّع بهذه الحقوق، ومن هذه الممارسات الشائعة: حجز العامل/ة داخل المنزل، احتفاظ صاحب/ة العمل بأوراقه/ها الشخصية، وتقييد حركته/ها وحقه/ها في التواصل؛
• ثالثاً، إن مشروع القانون لا ينصّ صراحة على حق العامل/ة في الإقامة اللائقة التي تحفظ خصوصيته/ها وراحته/ها إذ يكتفي بذكر ضرورة تأمين مأوى تتوافر فيه الشروط البيئية والصحية اللازمة؛
• رابعاً، إن مشروع القانون لا ينص صراحة على معاقبة وتجريم الانتهاكات التي يتعرّض لها العامل/ة والتي تنتج عن ممارسات عدّة بدءاً من الحجز وتقييد الحريات وصولاً إلى التعنيف النفسي والجسدي؛ كما أنه لا يشير إلى تجريم الاتجار بالبشر والاسترقاق والاستعباد، ولا يلحظ أي تجريم ومعاقبة للتمييز المبني على الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو الأصل الوطني؛
• وأخيراً نودّ الإشارة إلى أن القانون المقترح لا يقدّم تعريفاً واضحاً وتحديداً دقيقاً لمهام الخدمة المنزلية المطلوبة، ممّا يفسح المجال أمام إشكالات كبيرة قد تطرأ نتيجة الالتباس حول مهام العامل/ة وسوء تفاهم بينه/ها وبين صاحب/ة العمل. كذلك، إن احتواء مشروع القانون على مصطلحات غير واضحة قد يمهّد الطريق لتأويلات باستطاعتنا العمل على تجنبّها إذا ما حدّدنا معناها بشكل أدق. ومن هذه المصطلحات على سبيل المثال "العمل الجبري (المادة 3)، الحالات الاستثنائية (المادة 10)، راحة وخصوصية صاحب العمل (المادة14) ".

كنّا نتمنى أن يقدّم القانون المقترح الحماية الكاملة للعمّال/العاملات في الخدمة المنزلية والحلول المرتجاة لمعظم المشاكل التي يعانون/ين منها، غير أنه يعتمد اعتماداً مطلقاً على نظام الكفالة ويرسّخ بعض الممارسات والانتهاكات الشائعة في مجتمعنا اللبناني، الأمر الذي يتعارض مع أبسط مبادىء حقوق الإنسان والتزامات لبنان الدولية.