مؤتمر حول تعزيز حماية عاملات المنازل المهاجرات من خلال مناقشة مسار الهجرة من بلدان النشأة إلى لبنان

مؤتمر حول تعزيز حماية عاملات المنازل المهاجرات من خلال مناقشة مسار الهجرة من بلدان النشأة إلى لبنان

عقدت اليوم منظّمة "كفى عنف واستغلال" (كفى) مؤتمراً تحت عنوان "تعزيز حماية عاملات المنازل المهاجرات من خلال مناقشة مسار الهجرة من بلدان النشأة إلى لبنان"، بالتعاون مع الجمعية الدولية لمكافحة الرقّ Anti-Slavery International والاتّحاد العام للنقابات العمّالية النيبالية GEFONT، في إطار مشروع أوسع حول مسار هجرة عاملات المنازل واستقدامهنّ من النيبال تحديداً إلى لبنان.

حضر المؤتمر خبراء ومسؤولون/ات ومعنيّون/ات من لبنان والخارج ناقشوا/ن من زوايا مختلفة المشاكل البنيوية لأنظمة الاستقدام والتوظيف المعتمدة حالياً، كما تمّ عرض لتجارب دول أخرى قد تكون ذات إفادة للبنان.

 

خلال المؤتمر، كشفت الصحافية سعدى علّوه النتائج الأولية لدراسة نفّذتها "كفى" بالتعاون مع "المفكّرة القانونية" حول ممارسات استقدام عاملات المنازل من النيبال وبنغلادش وتوظيفهنّ في لبنان. وتثبت النتائج أنّ هذه الممارسات والإجراءات تُوقع عدداً كبيراً من العاملات في حالات عمل قسري و/أو اتّجار بالبشر. 

 

المداخلات الرئيسيّة:

مديرة منظمة "كفى" زويا روحانا رحّبت بالحضور وشرحت أهمية المشروع المشترك بين "كفى"، الاتّحاد العام للنقابات العمّالية النيبالية، والجمعية الدولية لمطافحة الرقّ، الذي يهدف إلى تمكين عاملات المنازل من النيبال قبل قدومهنّ إلى لبنان، وأيضاً خلال تواجدهنّ في لبنان، من خلال تدريبهنّ ودعمهنّ في مسيرة تنظيم أنفسهنّ. كما يستمرّ المشروع في المطالبة بتغيير السياسيات والقوانين المعمول بها في لبنان، على أمل الاستفادة من الخبرات المتبادلة خلال مؤتمر اليوم.

 

مدير عام وزارة العمل والتوظيف في النيبال شوريس مان شريستا تحدّث عن حجم الهجرة من النيبال عموماً حيث وصل عدد المهاجرين بطريقة قانونية إلى 3 ملايبن، وقضية عاملات المنازل المهاجرات خصوصاً، مشيراً في مداخلته إلى أنّ الحمكومة النيبالية لا تملك أرقاماً دقيقة حول عدد المهاجرات النيباليات إلى لبنان، سوى أنّه "في الأشهر التسعة الماضية دخلت 97 امرأة نيبالية فقط لبنان، وجدّدت 458 سيّدة إجازات عملهنّ"، بحسب الإحصاءات الرسمية. وأعرب شريستا عن أسفه لما تتعرّض له العاملات في لبنان من انتهاكات وسوء معاملة وانتحار، معلناً عن التدابير التي تتّخذها الحكومة النيبالية للحدّ من هذه الإساءات، كرفع الحد الأدنى لعمر النساء العاملات من 18 إلى 30 عاماً. كما تطرّق شريستا إلى صعوبة مراقبة مجريات الأمور خصوصاً وأنّه غالباً ما تُرحّل العاملات بطريقة غير قانونيّة من الهند وليس من النيبال. وشدّد شريستا على أهمية التعاون بين قنصلية النيبال في لبنان ومنظمات المجتمع المدني والهيئات النقابية في ظلّ غياب سفارة نيبالية في لبنان.

 

وزير العمل اللبناني سليم جريصاتي تحدّث عن محاور العمل الأساسية للوزارة في إطار تحسين ظروف عمل عاملات المنازل المهاجرات وتنظيمه، وأهمّها اعتماد مبدأ الاتفاقيات الثنائية مع التشديد على ضرورة وجود تمثيل ديبلوماسي حقيقي بين بلد النشأة وبلد المقصد؛ عمل اللجنة التسييرية المؤلّفة من 30 شريكاً من الوزارات والإدارات الرسمية والمنظّمات؛ والسعي إلى إقرار مشروع قانون تنظيم عمل عاملات المنازل الذي لا يزال حالياً في الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وفي موضوع الاستقدام، لفت جريصاتي إلى أنّ وزارة العمل تقفل "مكتبَيْ استقدام أو ثلاثة يومياً" وتكافح باستمرار مسألة أصحاب العمل الوهميّين. كما شرح جريصاتي أنّ الاعتماد حاليّاً على المؤسسة الوطنية للاستخدام هو أمر غير ممكن في ظلّ الإمكانيات الضئيلة للمؤسّسة، لذا يبقى الاعتماد على مكاتب الاستقدام الخاصّة في هذا المجال. إلى ذلك، رأى جريصاتي أنّ إقرار قانون خاص بالعمل المنزلي أفضل وأسهل من شمل كهذا "النوع من المهن المتقطّعة" في قانون العمل، كما كشف عن موافقة الأمن العام اللبناني على إعطاء عاملات المنازل فترات سماح يتسنّى لهنّ في خلالها البحث عن صاحب عمل جديد. 

 

عضوة البرلمان البريطاني فيونا ماك تاغرت عرضت التجربة البريطانية في مجال تنظيم العمل المنزلي ومكافحة الاتجار بالبشر. فبيّنت عدداً من أوجه الشبه بين واقع لبنان والمملكة المتّحدة اليوم، بعدما أقدمت المملكة على تعديلات قانونية عام 2012 ألغت إيجابيات تعديلات حزب العمل عام 1998 في هذا المضمار، فزادت من تقييد عاملة المنزل بصاحب عملها، وقصّرت مدّة عملها في البلاد إلى 6 أشهر كحدّ أقصى، وصعّبت عليها تقديم الشكاوى والوصول إلى العدالة. وشدّدت ماك تاغرت على ضرورة تأمين قدرة العاملة على إيجاد صاحب عمل آخر إذ من شأن هذه الخطوة الحدّ من الاستغلال والإساءة، إلى جانب الاستثمار في نشر المعرفة في أوساط عاملات المنازل حول حقوقهنّ والحلول المُتاحة أمامهنّ. 

 

المقرّر الخاص بحقوق المهاجرين فرنسوا كريبو عدّد أهمّ التوصيات التي يؤمن أنّ من شأنها تعزيز حماية عاملات المنازل المهاجرات، ومن أهمّها إيجاد آليات تطبيقية للقوانين الجيّدة الموجودة؛ تشديد المراقبة على آليات الاستقدام؛ إقفال المكاتب الفاسدة ومنعها من العمل؛ تفعيل آليات نشر المعلومات والتدريب بين بلدان النشأة وبلدان المقصد؛ التأكّد من أنّ عقد العمل الموقّع هو نفسه في البلدين المعنييّن؛ إلغاء جميع الممارسات التمييزية على أساس عمل أو جنسيات العاملات المهاجرات... 

 

الصحافية سعدى علّوه تحدّثت عن النتائج الأولية للبحث الذي نفّذته "كفى" بالتعاون مع "المفكّرة القانونيّة" حول استقدام عاملات المنازل، والذي ارتكز على مقابلات عشوائية مع 100 عاملة منزلية نيبالية وبنغلادشية، وأصحاب مكاتب استقدام، وعدد من أصحاب عمل لبنانيّين. وكشفت النتائج أنّ معظم العاملات البنغلادشيات غادرن بنغلادش عبر وسيط غالباً ما يكون فرد من عائلة العاملة، مقابل نسبة أقلّ من العاملات النيباليات اللواتي يلجأن بنسبة أكبر إلى المكاتب مباشرةً. وفي الحالتين، غالباً ما كانت العاملات عرضة لممارسات الغشّ والخداع وإعطاء وعود كاذبة تتعلّق بقيمة الراتب، أو نوع العمل، أو العطلة الأسبوعية، أو ظروف الأسرة... . كما بيّنت علّوه المبالغ الطائلة التي تدفعها العاملة للمجيء إلى لبنان (تكاليف سفر، فحوص طبية...) والتي تُغرقها بديون حتّى قبل وصولها إلى عملها في لبنان، ممّا يعزّز خضوعها لظروف العمل القاسية وقبول الوعود الكاذبة. بالإضافة إلى ممارسات الاستقدام الخادعة والطريق الشاق للوصول إلى لبنان، تحدّثت علّوه عن حقيقة الوعود التي تُترجم هنا إلى مجموعة انتهاكات تتعرّض لها عاملات المنازل، من عزل، وعدم احترام خصوصيّة، واحتجاز جواز سفر، وحجز حرية، ومنع تواصل، وتعنيف اقتصادي، ومعنوي، وجسدي، وجنسي، معطيةً أرقاماً وأمثلةً واقعيّة مستقاة من الدراسة التي تُنشر قريباً. 

 

المحامية في منظمة "كفى" موهانا إسحق، أوضحت بعض المسائل حول نظام الكفالة بين النصوص المكتوبة (مثل مستند "تنازل" الذي يوقّعه صاحب العمل بهدف السماح للعاملة بالانتقال إلى صاحب عمل آخر)، والأعراف المتّبعة (مثل إلزاميّة سكن العاملة مع صاحب العمل وارتباطها به). وعرضت إسحق لنتائج هذا النظام التي تتلخّص ب: اختلال التوازن بين فريقي العلاقة، فسح المجال لكثير من الانتهاكات، صعوبة وصول العاملة إلى القضاء، ادّعاءات وشكاوى كيديّة من قبل صاحب العمل بهدف إخضاع العاملة (كتهمة السرقة)، وخلق حالات من الاتجار بالبشر؛ وفي المقابل، عدم وجود أي إمكانية تعويض لصاحب العمل في حال كانت العاملة هي المسؤولة عن فسخ العقد وتحمّله مسؤوليات معنوية ومادية كثيرة. 

 

أودري غيشون، منسّقة البرنامج الخاص بعاملات المنازل في الجمعية الدولية لمكافحة الرق، شرحت فلسفة المشروع الذي تنفّذه الجمعية مع "كفى" وGEFONT والذي يركّز على ارتباط أحداث ما قبل مجيء عاملة المنزل المهاجرة إلى لبنان بما يحصل معها خلال التواجد فيه، مسلّطةً الضوء على ثلاث نقاط أساسيّة في بلدان الأصل وبلدان المقصد، هي: هشاشة وضع العاملات لأسباب قانونية وبنيوية وثقافية واجتماعية وممارسات الاستقدام وظروف العمل، ضرورة تمكين عاملات المنازل ومساعدتهنّ في تنظيم أنفسهنّ وصولاً إلى تشكيل نقابات تدافع عن حقوقهنّ، وفيما بعد الاستمرار في بذل الجهود من أجل إلغاء نظام الكفالة وتأمين الحماية القانونية اللازمة لعاملات المنازل، إلغاء الحظر الذي تفرضه بعض بلدان النشأة، تشديد المراقبة على عمل مكاتب الاستقدام وتنظيمها، تقديم دورات تدريبية للعاملات قبل سفرهنّ، تفعيل دور السفارات، وحضّ الحكومات على المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية 189 الخاصة "بالعمل اللائق للعمّال المنزليّين". 

 

تبع المداخلات شهادات من عاملات منازل روين معاناتهنّ ومشاكلهنّ اليومية في لبنان، وتعليقات من عدد من المسؤولين الأمنيّين والخبراء، ونقاش معمّق مع الحضور حول المشاكل الهيكلية والعملية.