نايكي وجيليت وبيلي.. عن التوجه النسوي الجديد في الإعلانات

من إعلان سابق لـ"نايكي"

نايكي وجيليت وبيلي.. عن التوجه النسوي الجديد في الإعلانات

"عندما كنت صغيرة كنت ألعب مع فريق كرة قدم أسترالية، جهل الأولاد الذكور الذين كنت ألعب معهم أنني فتاة لسنوات عديدة. وعندما علم أحدهم بالأمر، بدأ بالبكاء". هكذا يبدأ أحدث فيديو إعلاني نشرته شركة "نايكي" على قناتها على يوتيوب.

منذ حوالى عام، بدأت الشركة الأميركية المتخصصة بإنتاج الملابس والأحذية والأدوات الرياضية بنشر فيديوهات إعلانية وتحفيزية للنساء اللواتي يواجهن تحديات كثيرة في عالم الرياضة بسبب العقلية الذكورية السائدة.

تضمنّت الفيديوهات الإعلانية، نساءً مشهورات تركنَ أثراً في عالم الرياضة. مراهقات، عازبات، أمهات، نساء فقدن أطرافهنّ، سوداوات، بيضاوات، محجبات، من كل عرق ودين ومنطقة جغرافية. كلّ منهنّ تحدثت بلغتها: بالإنكليزية، الألمانية، الإيطالية، الروسية، الإسبانية والتركية.

ولعلّ أبرز ما جاء في أحد الفيديوهات كان بصوت لاعبة التنس الشهيرة سيرينا ويليامز التي تم تهديدها سابقاً بسحب اللقب منها وشُنّت حملة كبيرة ضدّها، فقط لأنها غضبت وصرخت على أرض الملعب خلال مباراة كانت مشاركة بها.

سردت سيرينا في الإعلان، الأحكام المسبقة والتمييزية بحق النساء إنطلاقاً من تجربتها:

"إذا أظهرنا تأثرنا، يقولون عنا قد تعرّضنا لصدمات نفسية

إذا أردنا اللعب في مواجهة رجال، يقولون عنا مجنونات

إذا حلمنا بفرص متساوية، يقولون عنا واهمات

عندما ندافع عن حقنا، يقولون أننا عصبيات مجنونات

عندما نكون جيدات جداً، يقولون إن هناك خطباً ما

وعندما نغضب، يقولون إننا نتصرف بشكل هستيري، غير عقلاني، أو بجنون

فإذا أرادوا أن يصفونك بالمجنونة... حسناً، دعيهم يعلموا ما يمكن لمجنونة أن تفعل".
 


شاركت أيضاً الرياضية الإيطالية بياتريس فيو، المبارِزة على كرسي متحرك، في فيديو آخر من حملة نايكي المستمرة. فأظهرت وجهاً آخر للنجاح والقوة والثقة بالنفس.

صرخات فيو التي تطلقها أكثر من مرة في الفيديو الخاص بها، تدخل الرأس والروح وكأنّها بصراخها هذا تدعو كل إمرأة في العالم أن تنتفض على كلّ من وما يحاول تكبيلها، إن كانت معاييرَ أو مصاعبَ جسدية أو نفسية أو أشخاصاً أو أحكاماً مسبقة. 


فيو التي تمارس رياضة المبارزة بالسيف منذ كانت في الخامسة من عمرها، أصيبت في أواخر العام 2008، عندما كانت تبلغ 11 عاماً فقط، بالتهاب السحايا الذي أدى إلى بتر كليّ ساقيها من الركبة وكليّ ذراعيها من الساعدين.

لم تتمكن فيو من العودة إلى الرياضة إلّا بعد أشهر من إعادة التأهيل المكثف. وبعد سنين من عودتها الى التدريب، حازت على بطولات عالمية وأصبحت إحدى أفضل اللاعبات في العالم.

اعتمدت نايكي بحملاتها الإعلانية الأخيرة إذاً، بعداً "نسوياً" فحازت على إعجاب واحترام كثيرين.

جيليت

علامات تجارية أخرى قامت أيضاً بإعلانات ذات طابع نسوي في الشهرين الأخيرين، كان أبرزها شركة "جيليت" الأميركية، لكنها لم تحظَ بالتأييد نفسه.

إذ قامت الشركة بإنتاج إعلان "نسوي لركوب الموجة"، تدعو فيه الرجال أن يكونوا "أفضل"، أي أكثر وعياً لتصرفاتهم الذكورية المؤذية بحق النساء وتدعوهم الى التدخل ونشر الوعي بينهم في حال كانوا شهوداً على هكذا تصرفات.


لكن الإنتقادات التي طالت إعلان "جيليت" ركزّت على أن الأخيرة لم تراجع سياساتها التسويقية التمييزية بحق النساء، إذ لا تزال شفراتها النسائية أكثر ثمناً بحوالى 11 في المئة من تلك المخصصة للرجال. في حين لا يوجد أي اختلاف بين النوعين سوى اللون واستراتيجية التسويق. وهذا جعل البعض ينتقد هذا الإعلان ويصف سياسات الشركة التسويقية بالنفاق، وبأنها أنتجت هذا الإعلان فقط لرفع مبيعاتها.

بيلي

ردّاً على سياسة "جيليت" التسويقية، أسّست جورجينا غولي شركة "بيلي" المتخصصة بإنتاج شفرات نسائية بأسعار منخفضة.

"بيلي" التي تأسست في تشرين الأول من العام 2017 في نيويورك، كانت أيضاً أول شركة شفرات نسائية في العالم، تظهر الشعر الموجود في جسم الشابات والنساء في إعلاناتها. حيث كانت الشركات الأخرى دائماً ما تظهر نساء بيضاوات ونحيفات وهنّ يحلقن سيقانهنّ الخالية أصلاً من الشعر.

"بيلي" أظهرت شابات من أعراق وأحجام وميول مختلفة في إعلاناتها. وشددت في إعلانها الأخير أن "الشعر (شعر الجسم) موجود لدى جميع البشر، والنساء منهم، إلا أنّ العالم بأسره يتظاهر بأنه غير موجود. ولكنه موجود. لقد رأيناه وتأكدنا من ذلك. ولذلك، بأي ظروف، وفي أي وقت، وفي حال اتخذتي قرار حلق شعر جسمك، سنكون هنا لمساعدتك".

 

الإعلانات لنشر الوعي

تخطّت بعض شركات الإعلانات دورها التقليدي في الترويج لمُنتج، فأصبحت تستعمل هذا الأخير لتنشر من خلاله أفكاراً نسوية وتؤكد على مبدأ المساواة. كما أنها أصبحت تروّج لأفكار معاكسة للصورة النمطية السائدة عن النساء في الإعلانات. والتي لا تشبه النساء في حياتهنّ العادية، خارج "كادر" الكاميرا.

الشركات فرضت بذلك وبشكل غير مباشر على شركات أخرى إنتاج إعلانات "نسوية" مماثلة أو على أقله مراجعة سياساتها التسويقية في حال كانت تمييزية بحق النساء.

نسبة المشاهدات والمشاركات دليلاً على الوقع والتفاعل الإيجابي مع المضمون والمقاربة التي تروّج لها بعض شركات الإعلانات المذكورة. إعلان نايكي الذي تحدثت فيه سيرينا ويليامز حاز على أكثر من 8 مليون و653 ألف مشاهدة منذ نشره قبل 3 أسابيع فقط، ونشره آلاف الأشخاص على صفحاتهم على مواقع التواصل. بالإضافة إلى عشرات الفيديوهات الأخرى التي نشرتها "نايكي" والتي جمع كل واحد منها آلاف المشاهدات.

إعلان "جيليت" المثير للجدل، جمع أيضاً أكثر من 29 مليون و833 ألف مشاهدة منذ نشره قبل شهرين.