تينا: تذكروا هذا الإسم جيداً

تينا: تذكروا هذا الإسم جيداً

ما الذي كانت تتوقعه تينا عندما غادرت توغو لتعمل في لبنان يا تُرى؟

هل فكّرت بأنها قد تعمل لمدة خمسة أشهر دون أن تنال ليرة واحدة من أجرها؟ هل توقعت أنها ستنام على فراش في أرض المطبخ، أم ستُمنع من التكلم مع أي شخص حتى العاملة التي تشاركها المنزل نفسه؟

هل خُيّل إليها لوهلة بأنها ستُضرب بالشوبك، وأنها ستُلكَم على فمها حتى تفقد أسنانها؟

من السهل جدا أن يغيب عنا أن هناك انسان خلف كل هذه المعاناة. من السهل أن نغرق في غضبنا من نظام الكفالة المجحف، أو أن نشعر بالإحباط من حقيقة ان هناك صاحب عمل ألحق بعاملة منزلية هذا الأذى الجسيم ولا يزال مطبقا الخناق على حياتها وقدرتها على العمل في مكان آخر. ومن السهل أن نغرق في تقنيات تقرير الطبيب الشرعي و تفاصيل "التورم بالشفتين" و"جروح داخل الفم" و "احمرار في بياض العينين" و"تراكم دموي في الأنسجة".

دعونا من نظام الكفالة وويلاته لهنيهة، ولنتذكر أننا نتحدث عن إنسان هنا. لأن هذا العنف لم يُمارس في الفراغ، بل مورس على جسد تينا. لأن العينان المحمرّتان هما عينا تينا والوجه المتورم هو وجه تينا.

لأن تينا قبل أن تلتأم جروحها وقبل أن تداوي أسنانها المكسورة وجروح فمها، كان عليها أن تتقبل واقع أنها لن تستطيع أن تعمل في مكان آخر لأن كفيلها لم يقبل إجراء "تنازل"، الذي من دونه لا يبقى أمامها إلا خيار العودة الى بلادها، والا ستصبح مقيمة "غير شرعية".

تينا المُحاصرة رأت بصيص امل في العدالة. تينا المجردة من حقوقها وخياراتها سلكت الطريق الوحيد المتبقي أمامها وهو القضاء. كانت تأمل تينا بأن يُعاقب من تسبّب بضربها وإيلامها وإذلالها.

لكن حتى الأن يبدو أن القضاء غير مهتم بألم تينا وبالظلم الذي لحق بها. ويبدو أن العدالة إنتقائية عندما يتعلّق الأمر بعاملات المنازل المهاجرات. لأن العاملات تُنسى أساميهن لصعوبة لفظها، لأن العاملات في لبنان لا يُنظر إليهن على أنهن أشخاص. وملف تينا ليس سوى رزمة أوراق مكدسة في درج ما.

حتى الآن لم تتخذ النيابة العامة قراراً بملف تينا، ولا يزال معنفاها ينامان قريري العين في منزلهما. فهل سيسدد القضاء الضربة القاضية لتينا بأن يتجاهلها ويماطل أكثر في ملفها؟ هل أخطأت تينا عندما عوّلت على القضاء لإحقاق العدالة ولكي تستردّ حقها؟ هل ستخسر تينا حتى هذه المعركة ايضاً؟

فليتذكر كل من اعتدى على تينا أو كان سبباً في ضياع حقّها، هذا الاسم جيدا، لأنه سيطاردهم إلى الأبد، وسيقضّ مضاجعهم صوتها المتقطّع والمرتجف.