قصة أورو: "لو كنت أعلم ... ما كنت لآتي من الأصل"
إسمي أورو (إسم مستعار)، عمري ثمانية وعشرون عامًا وأنا أم لطفلين.
في أثيوبيا، كنت أسمع عن نساءٍ أتينَ للعملِ في لبنان لدعم عائلاتهن. أنا مثل هؤلاء النساء أردتُ الاعتناء بطفليّ؛ أردت أن أدفع قسط المدرسة، وأشتري لهما الملابس والأحذية.، لم يكن بإمكاني الاعتماد على زوجي الذي يصرف المال كلّه على الكحول. لذلك قرّرت السّفر إلى لبنان للعمل كعاملة منزلية.
حصلتُ على الوظيفة من خلال وكالة استقدام أثيوبيّة، بعد أن توجّب عليّ دفع رسوم الاستقدام للوكالة. لم أكن قادرة على الدفع، لذا استدنتُ المبلغ من أبي.
في المطار في لبنان، استقبلني الكفيل الذي أخذ مني جواز سفري على الفور، وأقلّني إلى المنزل حيث عرّفني على زوجته وأولاده الثلاثة. فور وصولي، طلبت مني الكفيلة أن أستحم، أقوم بجلي الصحون بعدها، ومن ثمّ أذهب إلى النّوم. لم يكن لي غرفة خاصة، وأخبرتني الكفيلة بأنه عليّ أن أنام على فراش في غرفة الجلوس. كنت قد صرت في لبنان وفي منزلهم، فقبلت بهذه الظّروف، على الرّغم من أنهم أخبروني في مكتب الاستقدام في أثيوبيا بأنه سيكون لي غرفة خاصة، وكذلك قالوا لي بأنه يمكنني أن أتصل بأهلي كل شهر، لكن في الواقع كان يمرّ ثلاثة أو أربعة أشهر قبل أن أتمكّن من اجراء أي اتصال.
عملت في هذا المنزل لمدّة سنتين وثلاثة أشهر، وبعد مُضيّ سنة وشهر على عملي لديهما بدءا بإهانتي وضربي بشكل متكرر. في ‘إحدى المرّات، قامت الكفيلة بضربي بملعقة خشبية ولشدّة ما ضربتني انكسرت الملعقة وتسببت بجرح عميق في يدي، مما استدعى نقلي إلى المستشفى. لم يتوقف الأمر عند ذلك، فالكفيل كان يهمس لي بأمور غير لائقة. في إحدى المرات أرادات الكفيلة أن تأخذني الى البحر معهم لكن الزوج قال بأنه لا يريد أن يدفع ثمن تذكرة دخولي. عندما كانوا في الخارج عاد الزوج الى المنزل، كنت وحدي، خفت كثيرا فركضت الى الحمام وأقفلت الباب على نفسي... لكنني تحملت كل ذلك من أجل أولادي.
بعد وقت توقفا أيضًا عن ارسال الأجور إلى عائلتي. كلّما كنت أسأل عن أجوري غير المدفوعة، كانا تارةً يطلبون مني أن أهدأ ويقولان بأنهما سيدفعان لي لاحقًا، وتارةً يغضبان ويصرخان. كذلك كانا يتجنّبان إالإجابة عن أسئلتي، فتقول لي الكفيلة أن أسأل زوجها عن الموضوع، وعندما أسأله هو يقول لي أن أكلّمها هي. هما لم يفهما أنني أتيت إلى لبنان لأعمل وأرسل المال إلى عائلتي.
في النهاية لم تعد تهمني أجوري غير المدفوعة وكانت قد انتهت مدّة عقد العمل، أردت فقط أن أرحل. عندما سنحت الفرصة، اتصلت بوالدي وأخبرته عمّا جرى. قال لي بأنني أنهيت فترة العقد ويجب أن أعود الى أثيوبيا فورًا. عندما أخبرتهما بأنني أريد الرحيل، قالا إنه عليّ أن أنتظر لأنهما يقومان بتجديد أوراقي. مضى شهرٌ آخر وكنت لا أزال أجهل متى سأعود إلى وطني. أصريّت على العودة وأحياناً كنت أرفض أن أعمل كاحتجاج على عدم سفري، لكنهما كانا يعاقبانني بإجباري على النوم على الشرفة لمدة أربعة أيام.
ومن هنا،
أنا حقًا أتمنّى أن تنال عاملات أخريات الحماية من الكفلاء العنفين كي لا يعشن ما عشته أنا.
أنا آمل أن تتم معاملة عاملات المنازل المهاجرات على أنهن راشدات وأن يتم احترامهنّ والاستماع لهنّ.
أتمنى لو يزور عناصر الشرطة المنازل للتأكد من حال العاملات وتقديم المساعدة لهن.
وكذلك أن يزور أصحاب مكاتب الاستقدام المنازل ويبلغوا عن العنف الذي تعيشه العاملات.
أتمنى أن يتم اخبار العاملات عن العائلات اللواتي سيعملن لديها وماذا عليهن أن يتوقعن. فأنا لو كنت أعلم أنني سأعيش في هذه الظروف وسأعاني كل هذا، ما كنت لآتي من الأصل.
الترجمة من الإنكليزية: غنى العنداري