قصة ماهي: "قد نرتكب أخطاء لكن لا يحق لكم تعنيفنا"
أنا اسمي ماهي، عمري اثنان وعشرون عامًا، وأنا من أثيوبيا. جئت للعمل في لبنان -كعاملة منزليّة- عام 2017 حتّى أتمكّن من جمع المال لأكمل دراستي.
أول ما وصلت إلى لبنان، عملت لمدة شهرين بمنزل فيه ستة أولاد. وجدت العمل صعباً هناك؛ فكان يتوجّب عليّ الاهتمام بالأطفال والقيام بأعمال المنزل في الوقت ذاته. لذا اتفقنا أنا وصاحبة العمل على أن أعود الى مكتب الاستقدام، حيث يمكنني الانتقال للعمل في منزل جديد.
عندما انتقلت إلى المنزل الثاني، كان هناك عاملة أثيوبيّة أخرى. كنت ممتنة لوجودها وإمكانية التواصل معها، فوجودي في لبنان بعيداً عن عائلتي وعن أي مصدر دعم نفسي، كان صعباً جداً.
أخبرتني صاحبة العمل الجديدة أنه عليّ أن أُنجز أي مهمة تُطلب منّي، فوافقت على هذه الشروط لأننا كنا عاملتين نقوم بالعمل معاً. لكن بعد تسعة أشهر غادرت العاملة الثانية، وبات متوقَّعاً مني أن أقوم بنفس المهام لوحدي؛ كان عليّ أن أطبخ، وأعتني بالأطفال، وأنظّف المنزل الكبير المؤلف من ستة غرف ومطبخين وغرفة جلوس كبيرة وشرفة. أحياناً، كانوا يوقظونني من النوم في وقت متأخر ليلاً لأحضّر لهم الطعام. لم أعد قادرة على تحمّل هذا الكم المُرهق من العمل. كنت قد وافقت على هذه الشروط علماً أن هناك عاملة أخرى، لو عرفت أنني سأًترك لأقوم بهذا العمل وحدي، لكنت طلبت نقلي إلى منزل مُختلف منذ البداية. لكنه كان قد مضى الكثير من الوقت على أي حال، وتغيير عملي مرة جديدة كان يعني سنتين إضافيتين على إقامتي في لبنان، وأنا لم أرد أن أطيل فترة بقائي أكثر من ذلك.
أكثر ما كان مقلقاً هو وجود أبناء صاحب العمل الثلاثة الذين يسكنون الطابق الثاني، وينعتوني دوماً بالغبيّة، ويضربون العاملة التي تعمل لديهم. كانت تهددني الكفيلة بأنها ستقول لهؤلاء الأبناء الثلاثة بأن يضربونني إذا لم أستجب لطلباتها. لا أفهم من أين لهم الحق بأن يهدونني بهذا الشكل؟ إذا لم يكونوا راضيين عن عملي، بإمكاني العودة إلى أثيوبيا، لمَ التهديد؟
عندما كنت أمرض، كانت الكفيلة تقول لي بأن أتناول المسكّنات، أو تأخذني إلى الصيدلية ليصفوا لي الدّواء لكنهم لم يأخذوني لزيارة الطبيب أبداً. في إحدى المرّات كنت مريضة جدّاً فبقيت في السرير. طلبت منّي الكفيلة أن أنهض وأبدأ بالعمل وعندما شرحت لها أنني مريضة، اتّهمتني بالكذب وهددتني مجددًا بإخبار الأبناء الثلاثة كي يضربونني. لكنني أصرّيت بأنه لا يمكنني العمل.
لاحقاً، عندما وصل الأبناء الثلاثة، قام أحدهم بصفعي. صعقني ذلك! نظرت الى الكفيلة وصرخت: لماذا يضربونني؟! قاموا بعدها بدفعي وركلي. كنت أتألم كثيراّ وحاولت جاهدة أن أصرخ طلبا للمساعدة. لكنهم أسرعوا لإغلاق الأبواب والنوافذ حتى لا يسمع أحد صراخي. ثم قاموا بأخذي إلى غرفتي، فهرعت إلى النافذة بحثا عن شرطي، وصرخت مجددا علّ أحدهم يسمعني ويساعدني. لكنهم أقفلوا النافذة وأكملوا الضرب. حتى أن أحدهم وقف خلفي ممسكاً بيديّ كي يتمكن الآخر من ضربي. كان الأمر بمثابة لعبة لهم، فكانوا يتناوبون على ضربي وهم يضحكون، كما يغلقون فمي كي لا أصرخ.
بعدها اتصلوا بصاحبة المكتب التي اصطحبتني إلى منزل مكثت فيه لثلاثة أيام. كان هناك كدمات على بطني وكنت أنزف من الخدوش والجروح التي لحقت بي. طلبت من صاحبة المكتب أخذي إلى المستشفى لكنها أعطتني مسكّن هي الأخرى. لم يكن هناك أحد لمساعدتي.
أقول لأي امرأة تفكر بالقدوم للعمل في لبنان كعاملة منزليّة، بأن الأمر صعب جدا ولتختار القيام بأي شيء آخر. المجيء إلى بلد غريب وعدم تكلم اللغة، أمر شاق جدًا.
ولمن يوظّفون عاملة منزلية، عليهم معاملتها بشكل جيد وعدم تعريضها للعنف. أجل، قد نرتكب كعاملات منازل الأخطاء، لكن لا يحق لكم تعنيفنا. لماذا تشعرون بأنه مُباح ومُجاز لكم ضربنا؟
الترجمة للعربية: غنى العنداري