مُقترح تعديل قانون 293 الخاص بالعنف الأسري
عقدت وزارة العدل و"منظمة كفى عنف واستغلال" في 7/4/2017 مؤتمرًا صحافيًا أطلقتا خلاله مسودّة تعديل القانون رقم 293/2014 "لحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري" التي عملت الجهتان على تحضيرها، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات على إقرار القانون في المجلس النيابي. وقد عُقد المؤتمر برعاية وزير العدل سليم جريصاتي وبحضور وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، وممثّل عن وزير الدولة لحقوق الإنسان أيمن شقير، ورئيس مجلس القضاء الأعلى وأعضاء في المجلس، ورئيس هيئة التفتيش القضائية وأعضاء في الهيئة، وعدد من قضاة العجلة والمحامين/ات العامين/ات الأسريين/ات، والمحامين/ات والإعلاميين/ات ومنظمات المجتمع المدني.
استهلّ وزير العدل المؤتمر بكلمة أشار فيها إلى "أن أهمّ ما جاء في التعديلات المقترحة يكمن في اعتماد تعريف واضح لمفهوم "العنف الأسري" الذي يعكس سوء استعمال للسلطة داخل الأسرة وجعل جريمة العنف الأسري التي تستحقّ المعالجة الخاصة وجميع النتائح المترتبة عليها من القتل وإحداث عاهات جسدية دائمة أو مؤقتة والتسبّب بالإيذاء الجسدي والمعنوي مرورًا بحجز الحرية وصولاً إلى الارتهان والضرر الإقتصادي، جريمة قائمة بذاتها ومعاقب على نتائجها الضارة بأكبر قدر من الفعالية والمرونة والسرعة". وأعلن جريصاتي أنّه سيتقدّم "بمشروع اقتراح تعديل القانون رقم 293/2014 إلى مقام مجلس الوزراء الكريم، لإقراره وإحالته إلى المجلس النيابي، متأمّلاً أن تساهم هذه التعديلات في القضاء على ظاهرة العنف والحد من الآثار السلبية لهذه الظاهرة التي يعاني منها الأطفال والنساء بصورة خاصّة في مجتمعات العالم بأكملها."
ومن ثمّ ألقى وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان كلمةً أثنى فيها على الإصلاحات الضرورية "لتطوير القانون بما يعزز دفاع المرأة المعنفة عن نفسها وعن سائر أفراد أسرتها." كما شدّد على "أهمية إنشاء مراكز خاصة في المناطق لاستقبال المعنّفات وتلقّي ما يتقدّمن به من شكاوى مع إيوائهنّ موقتًا في حال دعت الحاجة".
المديرة العامة لوزارة العدل القاضية ميسم النويري لخّصت التعديلات المقترح إدخالها على القانون "وتحديدًا المواد 2 و3 و4 و5 و9 و11 و12 و13 و14 و17 و18 و21 من القانون، أي تقريبًا نصف أحكامه (كما هو مذكور في هذا الجدول). ويمكن اختصارها بالتالي:
إعادة تعريف الأسرة بحيث تشمل الزوجين ليس فقط أثناء قيام الرابطة الزوجية وإنما أيضًا بعد انحلالها لأن هذا الانحلال لا يمنع المعنّف من ارتكاب التعنيف؛ إعادة تعريف العنف الأسري ليعكس أيضًا استعمال السلطة داخل الأسرة بالقوة الجسدية أو غيرها؛ معاقبة بجريمة العنف الأسري كل من حرّض أو اشترك أو تدخّل في هذه الجريمة ولو كان من غير أفراد الأسرة للحؤول دون استعانة المعنّف بأشخاص غرباء عن الأسرة؛ إدراج نص خاص للعقوبات يُغني عن العودة إلى نصوص قانون العقوبات، فتصبح جريمة العنف الأسري بموجبه جريمة قائمة بذاتها، وتتم معاقبة نتائجها الجرمية كافةً من قتل قصدي، وغير مقصود، واستغلال الجنسي، وحجز الحرية، وإيذاء جسدي ومعنوي واقتصادي؛ اعتماد مبدأ تخصّص القضاة في قضايا العنف الأسري عبر تكليف قضاة في كل محافظة لتلقي الشكاوى ومتابعة جميع مراحلها من محامين عامين وقضاة حكم أو موضوع؛ تخصيص أمر الحماية للنساء؛ شمول الحماية للأطفال بغض النظر عن سنّ حضانتهم؛ تكريس حق المرأة في إخراج أولادها معها حكمًا كما وسائر الأشخاص المقيمين معها إذا كانوا معرّضين للخطر؛ إلزامية جلسات التأهيل للمعنِّف في قرار الحماية؛ تفعيل آلية تنفيذ قرارات الحماية بين السلطات المختصّة (تعديل يسمح للمحامي العام أن يتّخذ إجراءات بمعرض تنفيذ أمر الحماية الصادر عن قاضي العجلة).
بعد عرض التعديلات، قدّمت مدير منظمة كفى عنف واستغلال السيّدة زويا روجانا عرضًا لأعداد النساء اللواتي توافدن إلى مركز الدعم في منظّمة كفى "التي شهدت ارتفاعًا غير مسبوق بلغ 275% في العام الذي تلا إقرار القانون عن العام الذي سبقه (معّدل 793 حالة في السنة خلال السنوات الثلاث الأخيرة مقابل 288 سيدة بين نيسان 2013 وآذار 2014). وأضافت "لقد بلغ العدد الإجمالي للحالات التي استقبلها مركزنا خلال السنوات الثلاث الماضية، أي بين نيسان 2014 و آذار 2017، 2380 حالة. وخلال هذه الفترة، تمكّن الفريق القانوني في كفى من مساعدة 137 سيدة في الحصول على قرار حماية وفقاً للقانون 293. أما على الصعيد الوطني، فمن المعلوم أن هناك غياباً تاماً لأي إحصاءات تتعلّق بالعنف الأسري، إلا أننا، وبجهودنا الخاصة، قد تمكنّا من جمع قرارات الحماية الصادرة في مختلف المحافظات اللبنانية، وقد تجاوز عددها الـ 350 قرار حماية منذ إقرار القانون لغاية آخر عام 2016." وأملت روحانا "من الجهات المعنية الإسراع في تطبيق البنود التي لا تزال غير مطبّقة في القانون 293، مثل إنشاء القطعة المتخصّصة في قوى الأمن الداخلي، والإسراع في بتّ التعديلات المقترحة على القانون، كي لا يأخذ إقرارها سبع سنوات أخرى كالمدّة التي استغرقها إقرار القانون. وأضافت "نعلم بأن إقرار القانون وحده ليس كافياً لإنقاذ النساء من كافة أشكال العنف التي يتعرّضن لها، خاصة في نطاق قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها لدى مختلف الطوائف، أكان في القوانين المتعلقة بالسن الأدنى للزواج وشروطه أو بالطلاق أو الحضانة أو النفقة أو غيرها."
اختُتم المؤتمر بكلمة لرئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون لفتت فيها إلى أن "اجتماعنا اليوم هو بمثابة إعلان مبادئ نكرّسه في صيغة مشروع قانون يراعي خصوصيّات المرأة من جوانبها كافة، ويوليها الحق في الحماية من العنف الأسري، بعيدًا عن التعقيدات الاجتماعية والطائفية والدينية. ورأت عون أن اللقاء "يشكّل رافدًا حقوقيًا جديدًا نضعه في سبيل الوصول إلى العدالة الإجتماعية الحقيقية، التي لا يمكن أن نتصوّرها إلا من خلال قوانين جديدة متقدمة تهدف إلى تغيير العادات الراسخة المتّسمة بالظلامة وانتفاء العدالة والإنصاف. وما مشروع القانون هذا إلا خطوة متقدمة وأساسية للعمل على نشر ثقافة حقوق المرأة، ومنع التمادي غير المسؤول في انتهاج العنف الأسري ضدها."