توضيحاً للبيان الصادر عن كفى بخصوص حالة العاملة التوغولية تينا
بتاريخ 18/1/2019 لجأت تينا الى منظمة كفى عبر سفارتها ،هرباً من منزل كفيلها حيث عملت لمدة خمسة أشهر وعانت من شتى أنواع الاستغلال والإهانات والعنف المعنوي والنفسي والجسدي وكان آخرها تعريضها للضرب وتكسير أسنانها. وقد آلت التحقيقات المجراة في قضيتها الى ادعاء النيابة العامة على زوجة الكفيل وإحالتها إلى القضاء المختص.
ولأنّ تينا بحاجة ماسّة للعمل في لبنان لاسيّما أنّها المعيلة لعائلتها وقد استدانت للمجيء إلى لبنان، فقد كانت أمام خيارين:
إمّا أن ينظم لها كفيلها مستند "التنازل" الذي يخولها الانتقال للعمل عند كفيل آخر مقابل أن تتراجع هي عن أي ادعاء بحقه وتبرّئ ذمّته (وهذا جوهر نظام الكفالة الاستعبادي)، أو السير قدماً بمطالبتها بحقوقها عمّا تعرّضت له من تكسير أسنان وضرب بالشوبك واإهانات وسباب وعدم دفع الأجور وغيرها من أشكال سوء المعاملة والطلب من وزارة العمل بالسماح لها بتغيير كفيلها دون مستند التنازل، وذلك إنفاذاً لحقّها المكرس في عقد العمل الموحد الموضوع من وزارة العمل والذي يعطي العاملة حق فسخ عقد العمل على مسؤولية الكفيل إذا تعرّضت للعنف وعدم دفع الأجور (وهو جوهر العمل الحر) .
ولأنّ وزارة العمل هي المرجع الصالح لمنح موافقات وإجازات العمل للعمّال الأجانب؛ ولأنّ وزير العمل، كان قد أكّد ومنذ توليه منصبه، أنه لن يقبل باستمرار نظام الكفالة العبودي الذي يفسح المجال لممارسة انتهاكات مختلفة لحقوق عاملات المنازل، وقد شكّل لجنة خاصة لوضع اقتراحات لإلغاء نظام الكفالة، فقد اختارت تينا الخيار الثاني وهو الطريق الأصعب، وتقدّمت بواسطة منظمة كفى إلى وزير العمل بطلب السماح لها بالانتقال للعمل عند كفيل آخر دون الحصول على مستند "التنازل" من الكفيل الأول كون هذا الأخير مسؤولاً عن فسخ عقد العمل، وقد ارفقت بطلبها كافة المستندات المثبة لذلك من تقرير طبيب شرعي، الى محاضر تحقيق الضابطة العدلية، الى ادّعاء النيابة العامة على الكفيلة.
ونحن نؤمن بأنّ هكذا قرار لو صدر عن وزارة العمل، لن يكون منصفاً لتينا وحدها بل كان سيشكل سابقة يبنى عليها لكسر نظام الكفالة العبودي وخطوة مهمة في مسيرة تحقيق العدالة لهذه الفئة العمالية. والأهمّ من ذلك، أنه كان سيعيد لوزارة العمل دورها الطبيعي والجوهري في موضوع مراقبة عمل الأجانب.
للأسف لم تصدر وزارة العمل هذا القرار ولم تبادر حتّى إلى استدعاء تينا لأخذ أقوالها حول مطالبها، ممّا أجبر تينا وبعد انتظار دام عدة أشهر، على العودة إلى بلادها فارغة اليدين ومشوّهة الجسد والذاكرة من اختبار عمل في لبنان مليء بالذل والإهانات. لم يبق أمامها الآن سوى نتظار أن ينصفها القضاء بحكمه الذي قد يستغرق عدّة سنوات.
لم تنجح حالة تينا بكسر جدار العبودية المتماسك في وجه حرية عاملات المنازل منذ سنوات. إلا أنّ هذا الأمر لن يثنينا عن السير قدماً مع كافة الجهات المعنية وعلى رأسهم وزارة العمل في سبيل الوصول الى وضع نظام عمل لائق لعاملات المنازل وعلى أمل أن نصل في القريب العاجل الى وضع الآليات الكفيلة بكسر هذا النظام العبودي.