شؤون المرأة في البيان الوزاري: ثلاثة أسطر رفع عتب

شؤون المرأة في البيان الوزاري: ثلاثة أسطر رفع عتب

هكذا وبكل بساطة، جرى إدراج شؤون المرأة في المرحلة الثانية من خطة عمل الحكومة والممتدة للمرحلة الثالثة، أي من سنة إلى ثلاث سنوات. ولقد جاء هذا الإدراج في الشكل والمضمون ليعبّر بصورة واضحة عن تراجع الحكومات المتعاقبة عن الاهتمام بشؤون المرأة. فبعد أن استحدثت في العام 2016 "وزارة الدولة لشؤون المرأة"، وذلك دون أي توضيح لمهامها ودون تحديد لصلاحياتها التي تقاطعت إلى حد التشابك بينها وبين إدارات ومؤسسات حكومية أخرى وبالأخص الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، تم إلغاء هذه الوزارة في الحكومة التي تلت عام 2019 وتحوّلت إلى "وزارة دولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب". أما اليوم، فلقد تم إلغاء أي موقع وزاري للاهتمام بقضايا المرأة واختزلت المسألة بثلاثة أسطر حملت عنوانين عريضين فضفاضين، إن عبّرا عن شيئ فهما يعبّران عن مسعى لحفظ ماء الوجه ليس أكثر.

لقد حرصت صياغة البيان على جندرة النص حيث ورد تعبير "اللبنانيات واللبنانيون" أكثر من مرة في مقدمة البيان، بحيث شعرنا أن الحكومة قد سمعت صيحات اللبنانيات التي ارتفعت أثناء التظاهرات والاعتصامات في جميع المناطق مطالبة بنيل حقوقهن في الجنسية والحضانة وغيرها من القضايا المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية وحيث تكرّرت المطالبة بقانون مدني موحّد للأحوال الشخصية... ولكن البيان الوزاري اختصر كل هذه القضايا بالأسطر الثلاث التالية:

"ستعمل الحكومة اللبنانية بمكوناتها كافة على تنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن، كما ستعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين من خلال إزالة جميع اشكال التمييز ضد النساء والفتيات في القوانين والتشريعات اللبنانية"

ولدى قراءتنا لهذه الأسطر، راودتنا الأسئلة التالية:

  • هل إن عمل الحكومة على تحقيق المساواة في القوانين سيشمل قوانين الأحوال الشخصية الطائفية المجحفة بحق النساء والتي تتحكّم بمصيرهن؟ مع العلم أن هذه المساواة لن تتحقق إلا من خلال قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية، وبالتالي هل الحكومة على استعداد لخوض معترك المساواة هذا مع القيميين على الطوائف المختلفة، علما أن بعض هؤلاء كان قد انتفض مؤخرا لقمع أي مطلب يتعلق بالزواج المدني في لبنان؟
  • هل تعلم هذه الحكومة أن في لبنان استراتيجيتين وطنيتين إحداهما "الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان 2011-2021 " كان قد سبق للهيئة الوطنية لشؤون المرأة السابقة أن أعدتها وتم إقرارها في مجلس الوزراء عام 2012، واستراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء كان قد سبق لوزارة الدولة لشؤون المرأة أن أعدتها، وبقيت كلتاهما حبرا على ورق؟
  • هل تعلم هذه الحكومة أن هناك مشاريع قوانين في أدراج مجلس النواب هي بحاجة إلى متابعة، تتعلق بمنع الزواج المبكر ومكافحة التحرش الجنسي وبمنح المرأة اللبنانية حق إعطاء الجنسية لعائلتها وبتعديل مواد أخرى في قانون العقوبات..وغيرها من مشاريع القوانين؟

إن استسهال صياغة الجمل الإنشائية للتعاطي بقضايا النساء المتعددة، دون السعي حتى وإن بالشكل  إلى تعداد بعض القضايا التفصيلية كما تعاطى البيان الوزاري مع أغلب المواضيع الأخرى، لا يدل سوى على انعدام الرؤية في القضايا المتعلقة بالنساء إن سلمت النوايا، أو عن عدم الاكتراث إلى قضايا تمس نصف المجتمع اللبناني بصورة مباشرة وكل المجتمع اللبناني بصورة غير مباشرة.

كلا، ليس كافياً وجود ستّ وزيرات.