تنبهتُ لأهمية مشاركة النساء في العمل والسياسة

تنبهتُ لأهمية مشاركة النساء في العمل والسياسة

لم يعد يخشى أحمد عجم، ابن الثلاثة وعشرون عاماً، العمل مع النساء، لم يعد يرفض فكرة أن ترأسه امرأة، بل صار شاباً مدركاً لأهمية العمل مع النساء وحقهن بتبوء المناصب، يعي ضرورة مشاركة المرأة في العمل وفي الشأن العام. لقد غيَّر برنامج "رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين" مفاهيم الشاب الطرابلسي وأفكاره لينشط في مدينته، شمال لبنان، سعياً لمواجهة العقلية التي تقصي النساء وتفرض عليهن معاييرها.

يزيد من قدرة الشاب اللبناني على التأثير في مجتمعه تطوعه في أكثر من جمعية تعمل مع فئات عمرية مختلفة. فهو متطوع في الصليب الأحمر اللبناني وفي كشافة الجراح- مفوضية الشمال وجمعية مساواة، وهي جمعية غير حكومية تهدف لدعم النساء ومساعدتهن على الوصول إلى العدالة.

قبل نحو عام، أي قبل أن يبدأ مسيرته في المشروع، لم يكن أداء عجم على ما هو عليه اليوم. يقول أحمد "عندما شاركت في مشروع "كفى"، والذي يهدف لتحدي المعايير الاجتماعية وتعزيز المساواة، ترسخت لديّ أكثر فكرة المساواة بين الجنسين. اقتنعت أنها لا تقتصر على العمل المنزلي بل تشمل مشاركة المرأة في الحياة السياسية". ويضيف "بعد الاطلاع على دور المرأة في المجتمع وحقوقها وما يمكن أن تقدمه تخليت عن اعتقادي أن العمل معها متعب وأنها تسبب الإرباك. بل  تنبهتُ لأهمية العمل مع النساء".

بدأ عجم بنقل المفاهيم والأفكار المكتسبة إلى الحركة الكشفية في طرابلس من خلال الممارسة. يعطي مثالاً: "كان العرف أن يقود الفوج  شاب، بتّ أطالب بتعيين فتيات كقائدات حتى وإن كان الفوج ضمن منطقة لا تتقبل ذلك، حيث الأفكار الموروثة طاغية".

في بعض المناطق، كانت توجه إلى الفتيات المنتميات إلى الحركة الكشفية ملاحظات تتعلق بطريقة لباسهن، "بدأنا نشدد أمام القادة على حق الفتاة في اختيار ما ترتديه"، والأمر سيّان بالنسبة للتعامل مع الفتيان الذين كانوا يخجلون من البكاء فبتنا ندعوهم إلى التعبير عن مشاعرهم وإسقاط التنميط الاجتماعي القائل بأن الرجل لا يجب أن يبكي"، يقول القائد الكشفي.

يؤكد الشاب أنه لم يعد يمارس سلطته الذكورية على شقيقته أو يتدخل في خياراتها، بعدما أدرك حقها في انتقاء ما ترتديه ومن تحب. فقد اعتاد سابقاً على التدخل بقراراتها والطلب منها عدم الخروج من المنزل في وقت متأخر وتجنب النزهات غير الضرورية. لكنه عاد وأدرك أنها صاحبة الخيار ولها أن تقرر متى وإلى أين تخرج وأن تختار شريك حياتها وأن دوره مساندتها. ويرى أن ذلك حسّن علاقته بالنساء في عائلته وجعلها أكثر تكافؤاً.

في علاقته مع نفسه، يحكي أحمد أن الانتقادات التي تطاله لمجرّد أن يعتني بشعره أو يضع سواراً بيديه واعتبارها أموراً تخص الفتيات لم تعد تحرجه.

بدوره كان الشاب الطرابلسي ممن يطلقون الأحكام المسبقة بحق النساء، ويعترف: "كنت عندما أرى فتاة تسير في الشارع ليلاً أسأل لماذا تخرج في هذا الوقت؟ كنت أصدر أحكاماً مسبقة من دون تفكير. نبهني المشروع إلى خطورة هذه الأحكام وضررها على الأشخاص وقدرتها على تبرير أذيتهم/نَّ".

وكمتطوع في الصليب الأحمر يصادف عجم حالات عنف قائم على النوع الاجتماعي. "صرت انتبه أكثر للعبارات التي اختارها. قبل  كنتُ ربما أخطئ التعبير، لكني أدركت أن التعابير التي تحمل لوماً للنساء تساهم في استمرار العنف ضدهن"، يقول أحمد. ويؤكد إصراره على الاستمرار في مواجهة التمييز القائم على النوع الاجتماعي في مدينته طرابلس ونشر ثقافة تحمي النساء.

 

أجريت هذه المقابلة ضمن برنامج رجال ونساء من أجل المساواة بين الجنسين (2019-2021) والذي يهدف الى تحدي الأعراف الاجتماعية فيما يتعلق بالذهنيات والعقليات التمييزية في موضوع المساواة بين الجنسين، كما وحول الأبوة الإيجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي,والمموّل من الوكالة السويدية للتنمية الدولية(SIDA) وضمن هذا المشروع عملت منظمة كفى بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان على دعم منظمات المجتمع المحلّي في تصميم وتنفيذ وتطبيق حلول مجتمعية,مصمّمة لسياقات محلية, من أجل تحدّي المعايير الاجتماعية وتعزيز المساواة بين الجنسين.