رداً على برامج إعلامية: أوقفوا لوم النساء
نّ النساء لم يكن يكفيهنّ العنف الذي يُمارَس عليهنّ، فأتى طوني خليفة ليلومهنّ ومن يدعمهنّ على الجرائم التي تُرتكب بحقهنّ داخل الأسرة. فطيلة حلقة أمس من برنامج "طوني خليفة 1544" على الأم تي في، وخليفة مُصرّ على إثبات فرضيّته التي تقول إنّ سبب تطوّر العنف إلى حدّ القتل هو لجوء المرأة إلى القضاء أو الجمعيّات، الأمر الذي، باعتقاده، يؤدّي إلى استفزاز المعنِّف وفقدانه للسيطرة على غضبه.
بالطبع، لم يتحقّق خليفة من الكثير من المعطيات المغلوطة قبل أن يقدّمها، مختلقاً قصصاً من نسج الخيال ومعتمداً منهج الصحافة الصفراء بامتياز. كما فات خليفة أنّ المعنِّف لا ينتظر أيّ حجّة لاقتراف جريمته إذ يستطيع اختلاق أي سبب لارتكابها وإيجاد التبريرات لها. فكم من امرأة تحمّلت، وصبرت، وصالحت، واستبعدت اللجوء إلى القضاء، ولم تردع محاولاتها المجرم عن تعذيبها وقتلها. وها هو خليفة يريد إعادة عقارب الساعة إلى زمن تظلّ فيه النساء ساكتات ويغيب فيه دور الدولة ومسؤوليّاتها في تأمين الحماية وتعزيز الحقوق.
إن الطريقة التي عالج بها طوني خليفة في حلقة أمس مسلسل جرائم قتل النساء تأتي لتكمل مسلسل الجهل والسخافة والسطحية الذي يتم من خلاله معالجة مواضيع اجتماعية بهذه الدرجة من الحساسيّة والخطورة، ولتكمل أيضاً مسلسل التهجّم على قانون حماية النساء من العنف الأسري الذي بدأ قبل إقرار القانون ويبدو أنه يُستكمل اليوم بعد تطبيقه بوجوه وعناوين مختلفة.
إن بلوغ الوقاحة حدّ تحميل الجمعيّات -والمقصود طبعاً كفى- قتل النساء بسبب "تحريضها" للنساء على مقاومة العنف واللجوء إلى المؤسسات الأمنية والقضائية للحصول على قرارات حماية، أو مصلحتها في ازدياد عدد الضحايا (!)، هو حدّ لا يضاهيه وقاحة سوى تصوير الرجال المعنّفين وكأنهم ضحايا مثلهم مثل النساء، وبالتالي غير مسؤولين عن تصرّفاتهم، لا بل يجب "مداراتهم" لأنهم "مرضى نفسيّين". وأيضاً، بلغت هذه الوقاحة حدّ الافتراء الذي جاء على لسان رجل الدين المشارك في الحلقة عندما ادّعى أن كفى استخدمت أسلوب الابتزاز لقبض "كم ألف دولار" من أحد الرجال "الضحايا" الذين وقعوا قي شركها بعد أن لجأت زوجته إلى كفى.
أمام ما شاهدناه في حلقة الأمس، بتنا نتساءل:
ما هو الغرض من التشويش على مسار تطبيق القانون 293 لحماية النساء من العنف الأسري؟ وهل بدأت قوى التخلّف تتلمّس خطورة المقاومة التي تبديها السيّدات المعرّضات للعنف للتقاليد البالية التي كانت تدعوهنّ للرضوخ إليه؟ وهل ترفع هذه القوى اليوم من جهوزيّتها لتعيد عقارب الساعة إلى زمن "الرضوخ" أو "السترة" أو "الصلحة" الذي أردى سارة الأمين قتيلة؟ أم أنّ ما حققته منظمة كفى قد وصل إلى حدّ لم يعد من المقبول السكوت عنه لأنه يتهدّد الأسس التي يقوم عليها الاستبداد الذكوري؟ وهل إن تطبيق القانون من قبل الجسم القضائي وعدم الرضوخ للضغوط التي يتعرّض لها، أصبح يشكّل خطراً على من يريد ابتزاز الناس عبر قدرته على التلاعب على القوانين؟... وغيرها من الأسئلة، نترك لكم الأجوبة عليها يوم السبت القادم!