أحضر عرساً لإحدى الصديقات في موسم الأعراس الصيفيّة الكثيرة، وأسمع أحدهم يقول وهي تدخل بفستانها الأبيض الجميل ممسكة بيد زوجها، عبارة ”نسويّة بس نهايتها لبيت جوزها“، مازحاً بشيء من الشماتة، مفترضاً أنّ النسويّة هي شكل آخر من الرهبنة وفقط؛ أن تكون نسويّة معناه أن تندر حياتها للقضيّة.
وكأنّ خلق علاقة حميميّة مع أيّ رجل يشترط إسقاط هذه القضيّة بكلّ ما تحمله من تفاصيل يوميّة. أو كأنّ الزواج هو أنّها سقطت، أنها تخلّت عن نسويتها، أو أنّها عرفت انّ لا سبيل بالنسويّة فسلّمت.
كانت أمّي تمزح كثيراً، فاعتقدتُ أنّها واحدة أخرى من مزحاتها. ضحكتُ بخوفٍ وطلبتُ منها أن تأخذ الأمر على محمل الجد.
كنتُ ألعبُ مع أصدقاء على شاطئ البحر، عدتُ إلى المنزل، لأجدَ أنّ جدّتي قد وفت بوعدها وأهدتني الدراجة الهوائيّة ذاتها التي كنت قد اخترتها، زرقاء داكنة، متوسطة الإرتفاع، مزيّنة بحبيباتٍ صغيرة معلّقة بشكل بهلوانيّ على قطع العجلات الحديديّة.
كنتُ في بداية سنّ البلوغ، نادتني جدتي وأخبرتني التالي: "اذا شفتي بقعه أو بقعتين دمّ على تيابك الداخليّة شي يوم، لا تخافي، تعالي خبريني فوراً وبقلك شو تعملي. هاد شي بصير مع النساء ومعناها بلشتي تصيري صبيّة وهوّ شي منيح. كلّ النساء بصير معهم هيك".