إسراء غريب.. ضحية أحيت النقاش حول العنف ضد النساء في العالم العربي
"جسدي ملك لي"، "كلنا إسراء"، "لا أحتاج رقابتك، ولايتك، رعايتك، شرفك"، هي أبرز الشعارات التي رُفعت خلال وقفة احتجاجية شارك فيها مئات الفلسطينيين والفلسطينيات في الضفة الغربية في الرابع من أيلول، للمطالبة بالحماية القانونية للنساء، بعد مقتل الشابة إسراء غريب (21 عاماً) الأسبوع الماضي، جرّاء ضرب أفراد عائلتها الذكور لها على دفعتين، للقائها بشاب تقدّم لخطبتها.
أدّى مقتل الشابة في 22 آب الماضي إلى موجة غضب عارمة في فلسطين والعالم العربي وعبّر الآلاف على مواقع التواصل عن تضامنهم مع الشابة وغيرها من ضحايا العنف والجرائم التي ترتكب بحق الفتيات والنساء تحت ما يُسمّى بـ"جرائم الشرف".
دفعت موجة الغضب هذه السلطات الفلسطينية الى إلقاء القبض على والد إسراء وأشقائها الثلاثة وزوج شقيقتها للتحقيق معهم، وفق ما ذكرت تقارير صحافية.
يُذكر أنه يطبق في فلسطين قانون عقوبات يعود إلى ستينات القرن الماضي ويتضمّن عقوبات مُخففة لمن يقتل الفتيات والنساء بقضايا "جرائم الشرف". وقد نظّمت وقفة إحتجاجية أمام مجلس الوزراء الفلسطيني في الثاني من أيلول، للمطالبة بإقرار قوانين جديدة لحماية الأسرة وبتعديل القوانين المعمول بها لتوفير الحماية للفتيات والنساء. فبحسب أرقام الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والمؤسسات النسوية، قُتلت 18 فتاة وسيدة على الأقل في فلسطين هذا العام بـ"جرائم شرف" على أيدي أفراد من أسرهنّ، أحياناً لمجرّد تحدث الفتاة بإلفة مع رجل.
مطلب تعديل القوانين هذا هو ما تسعى إليه "كفى" والعديد من الجمعيات والمعنيين والمعنيات بحقوق المرأة في لبنان.
بالرغم من إلغاء المادة 562 من قانون العقوبات اللبناني في العام 2011، التي كانت تنص على أحكام تخفيفية للجرائم المرتكبة من أجل حماية "شرف" العائلة ، إلا أنّ العقلية الذكورية ما زالت موجودة بين الناس، والجرائم من هذا النوع ما زالت مُستمرة، بحسب ليلى عواضة، المحامية في كفى. ويمكن لمرتكبيها الاستفادة من المادة 252 من قانون العقوبات التي تقدّم للمجرم "العذر المخفف للجريمة الذي أقدم عليها بصورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق"، كما جاء في نص المادة.
فزوج منال عاصي الذي ضربها وعذبها لمدة 7 ساعات متواصلة بأبشع الطرق، ممّا أدى إلى وفاتها في جريمة عنف أسري هزّت الرأي العام اللبناني في العام 2014، كان قد استفاد من هذه المادة بسبب ادّعائه بأنّه قتل زوجته في "ثورة غضب" بعد أن "اكتشف أنّها تخونه".
وزوج الضحية رولا يعقوب المتهم بالتسبب بقتلها في العام 2013، لا يزال حراً طليقاً ولم تنته محاكمته بعد.
الى حين إسترجاع النساء لملكية أجسادهنّ والتوقف عن اعتبارها مقياساً لـ"شرف" المجتمع والعائلة، يبقى الرادع الأساسي أمام ارتكاب مثل هذه الجرائم هو تشديد العقوبات بحق مرتكبيها وليس تخفيفها والإسراع في محاكمتهم، خلافاً للسائد في لبنان وفلسطين وغيرهما. وهنا تكمن أهمية الإسراع في إقرار التعديلات على قانون العنف الأسري الذي أقرّ في لبنان في العام 2014، التي تهدف الى تفعيل حماية النساء وأطفالهنّ، وهي قيد النقاش حالياً في مجلس النواب.