اللبنانيّات والسوريّات في مجال الدعارة: مخاطر وعذابات وتحدّيات
أطلقت منظمة "كفى عنف واستغلال" بالشراكة مع "الجامعة الاميركيّة في بيروت" وبدعم من "معهد المرأة الدوليّ" في "جامعة جورج واشنطن"، دراسة نوعيّة حول النساء اللبنانيّات والسوريّات المنخرطات في مجال الدعارة بعنوان
"اكزيت، Exit: إحتياجات النساء اللبنانيّات والسوريّات في مجال الدعارة والتحدّيات التي يواجهنها".
وخلال جلسة نقاش افتراضية لعرض الدراسة أمس، شاركت فيها غادة جبوّر (معدّة الدراسة) ومنار زعيتر وسحر عسّاف، تحدّثت المشاركات عن جوانب مختلفة من هذه القضية.
قدّمت جبّور، مسؤولة وحدة "الاستغلال والاتجار بالنساء" في منظمة "كفى" ملخّصاً للدراسة وأبرز الاستنتاجات والتوصيات التي تضمّنتها وروت بعضاً من قصص النساء الـ ١٩ المنخرطات بالدعارة اللواتي تحدّثت إليهن واللواتي جمعتهن خيوط مشتركة كتعرّضهن للعنف الجسدي والجنسي في صغرهن ثم استغلالهن من قبل رجال مقرّبين - قوّادين ثم الدخول في دائرة مفرغة من المخاطر والتعذيب والعنف والاستغلال في مجال الدعارة والغرق فيها بسبب قلّة الخيارات البديلة الأخرى التي من شأنها أن تساعدهن على تحسين أوضاعهن المعيشية السيئة جداً.
أوضحت جبّور أن الدراسة توثيقية وتهدف إلى دفع المعنيين إلى وضع خطة عملية لمساعدة النساء المستغلَّات جنسياً، لافتة إلى وجود فجوات عديدة في السياسات العامة المعتمَدة من قبل الجهات الرسمية والمنظمات الدولية لمساعدة المستغلّات والراغبات بالخروج من الدعارة. ختاماً دعت جبّور السلطات اللبنانية إلى إلغاء تجريم النساء المنخرطات في الدعارة والكفّ عن مساواة الضحايا بالجلّادين أمام القانون وتجريم كل الأطراف المستفيدة من استغلال النساء وهشاشة وضعهن أي القوّادين والمتاجرين ومشتري الجنس. "يجب على المعنيين قبل كلّ شيء الاعتراف بوجود مشكلة الدعارة وإدراك مدى كارثيتها على أوضاع المنخرطات فيها والعمل على وضع خدمات متخصصة وخطة خروج لمساعدتهن“، ختمت جبور.
بعد تقديم الدراسة، كانت مداخلة للمخرجة المسرحية والأستاذة الجامعية سحر عسّاف التي عرضت مقاطع من مسرحيتها "لا طلب، لا عرض" التي تتناول قضية شبكة الاتجار والدعارة المعروفة بـ "شي موريس”.المسرحية عرضت تفاصيل قصص النساء الناجيات حرفياً على لسانهن كما سلّطت الضوء على مشتري الجنس من الرجال وممارساتهم الوحشية والنزعة التملّكية التي يتصرفون وفقها مع النساء المستغلّات، كما بيّنت المسرحية المبالغ الطائلة التي يجنيها القوّادون وأصحاب شبكات الدعارة وارتكزت المسرحية على دراسة قامت بها “كفى” عام ٢٠١٤ بعنوان “استكشاف الطلب على الدعارة: ما يقوله مشترو الجنس الذكور حول دوافعهم وتصوّراتهم”.
ثم اختتمت الجلسة المحامية والناشطة الحقوقية منار زعيتر التي لفتت بدورها إلى أنه رغم التزامات لبنان بمعاهدات دولية إلا أنّ هناك نقصاً في التشريعات وعدم تواؤم السياق اللبناني مع السياق الدولي الذي يعتبر أن الدعارة عنف ويدعو الدول لحظر السياسات التي تشجّع على البغاء. شرحت زعيتر أن إشكالية النموذج اللبناني تكمن في مقاربة موضوع الدعارة وفي تعدّد التشريعات وعدم اتساقها وقِدم القوانين المعمول بها في هذا المجال. القوانين اللبنانية بنظر زعيتر، تعتمد مقاربة حظرية أي لا ترى الزبون كعنصر أساسي في القضية، وتساوي بين مَن يسهّل الدعارة ومن يحرّض عليها ومن يقوم بممارستها. طالما أن القانون اللبناني لا يجرّم الزبون (مشتري الجنس) ستكون النساء المستغلّات في موقع ضعيف وهشّ ما يسهّل ممارسة شتّى أنواع التعذيب والاستغلال بحقّهن، أضافت زعيتر. الناشطة الحقوقية لفتت أيضاً إلى التضارب الذي يحصل عادة في كتابة التحقيقات والملفات وفي رفعها الى الجهات المختصّة حيث تضيع بوصلة تكوين الملف والتقاط مؤشرات الاستغلال التي يجب البناء عليها في قضايا الدعارة والاتجار بالبشر.
وعن قانون مكافحة الاتجار بالبشر تقول زعيتر إنه "شكّل تحوّلاً عام ٢٠١١ لناحية تشديد العقوبة على من يستفيد من استغلال الغير لكنّه بقي نظريّ في جانب كبير منه وذلك لأسباب متصلة بالقانون نفسه وبضعف آليات الحماية للنساء.